ولد طه حسين سنة ١٨٨٩ وكان السابع من إخوته وأخواته الذين بلغ عددهم ١٣، وكان والده ذا مركز مرموق في الضاحية حرص على تعليم أولاده فبينهم طالب الطب والقضاء والمجاور في الأزهر وتلميذ الثانوية .. وحرص الأب أن يعلمه فأدخله الكتَّاب وحفظ فيه القرآن الكريم وحفظ الكثير مما كان يسمع من أدعية وأشعار وأغان وقصص، وحفظ قواعد التجويد، وحين ترعرع راح أخوه الأزهري يحفظه الألفية ليعده للحياة الجديدة في الأزهر. دخل الأزهر عام ١٩٠٢. وتفتح ذهنه واتسعت آفاق تفكيره حين بدأ يحضر دروس الأدب على يد سيد علي المرصفي، والأستاذ ينحو في دروسه منحى اللغويين والنقاد مع ميل للتفقه وللتحليل ويعنى بمفردات اللغة وإظهار ما في الشعر من بيان وبديع ومعانٍ. وظهرت لديه ملكة النقد وكانت مجلبة لإتعابه مع رفاقه ومع مدرسيه. وكره طه بعد المرحلة الثانية من دراسته الأزهرية دروس الأزهر ما عدا درس الأدب. وحضر درسين اثنين للإمام محمد عبده فاستهواه حديثه ورغب أن يلازمه لكن الشيخ لم يعد لحلقته وإنما نقل إلى الإفتاء. وكان عام ١٩٠٨ عاماً فاصلاً بينه وبين حياة الأزهر وشيوخ الأزهر، ففي هذا العام فتحت الجامعة المصرية الأهلية فانتمى إليها وقضى فيها سنوات ثلاثاً يختلف إليها وإلى الأزهر. وقد وجد في دروس الجامعة اختلافاً كثيراً ووجد حرية البحث، فشغف بهذه الدروس حباً وتفتحت لها نفسه وكان أثر ذلك عميقاً فيها، ووجد في الجامعة مبتغاه، وفي ظل البحث التحليلي أخرج رسالته عن أبي العلاء المعري "ذكرى أبي العلاء" التي نال بها درجة الدكتوراه. فلما وزعت مطبوعة ثارت حولها ضجة ورمي بالإلحاد وقدم أحد النواب إلى الجمعية العامة استجواباً أثار به موضوع رسالة طه حسين وطالب بفصله ونزع الشهادة عنه ولولا تداركه من رئيس المجلس (سعد زغلول) لتغير مجرى حياته. وفي ٥ مارس ١٩١٤ سافر على نفقة الجامعة إلى فرنسا ليكمل دراسته فكان ذلك حدثاً لم يتيسر لغيره من أمثاله. وفي "مونبيليه التي يدرس فيها الأدب الفرنسي واللغة اللاتينية تعرف على "سوزان" التي كان لها الأثر الأكبر في وجهته القادمة. وكان طه يستعد للدكتوراه برسالة عن "ابن خلدون" وفلسفته الاجتماعية. وفي سنة ١٩١٩ قفل إلى مصر وتم تعيينه أستاذاً للتاريخ القديم. وفي عام ١٩٢٥ ألحقت الجامعة بالحكومة فتم تعيين طه حسين أستاذاً دائماً للأدب العربي بكلية الآداب. وفي هذه الفترة كان طه حسين جم النشاط يكتب ويحاضر وينشر ويؤلف حتى ذاع صيته. وأخرج محاضراته (في الظاهرة الدينية عند اليونان) في كتاب عام ١٩١٩ يحمل اسم "آلهة اليونان". وفي ١٩٢٦ نشر كتابه "الشعر الجاهلي" فأثار ظهوره ثورة عاصفة كادت تعصف بطه وكرسيه وأدبه، وانبرت أقلام الأدباء والمؤرخين وعلماء المسلمين يردون عليه، وأحيل طه حسين سنة ١٩٢٦ إلى النيابة وحققت معه وانتهت من قرارها سنة ١٩٢٧. وكان قرارها بتفنيد انحرافات طه حسين الفكرية في كتابه. وتفنيد ما أخذه من المستشرقين أمثال رينان ومرغليوث وغيرهما، وصودر كتابه وجمع من الأسواق. وقد حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة مدريد وجامعة كمبردج، ونال وسام الباشوية ووسام الليجون دونير مو طبقة كراند أوفيسية، ونال الدكتوراه الفخرية من جامعات ليون، ومونبيليه، ومدريد، وأكسفورد، وانتخب رئيساً للمجمع اللغوي بعد وفاة أحمد لطفي السيد سنة ١٩٦٣. وكان مشتغلا بالترجمة كثيرا. وتوفي طه حسين عام ١٩٧٣م.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً