كان إبراهيم بن قريش بن بدران، أمير بني عقيل، قد استدعاه السلطان ملكشاه سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ليحاسبه، فلما حضر عنده اعتقله، وأنفذ فخر الدولة بن جهير إلى البلاد، فملك الموصل وغيرها، وبقي إبراهيم مع ملكشاه، وسار معه إلى سمرقند، وعاد إلى بغداد، فلما مات ملكشاه أطلقته تركان خاتون من الاعتقال، فسار إلى الموصل, وكان ملكشاه قد أقطع عمته صفية مدينة بلد، وكانت زوجة شرف الدولة، ولها منه ابنها علي، وكانت قد تزوجت بعد شرف الدولة بأخيه إبراهيم، فلما مات ملكشاه قصدت الموصل، ومعها ابنها علي، فقصدها محمد بن شرف الدولة، وأراد أخذ الموصل، فافترق الناس فرقتين: فرقة معه، وأخرى مع صفية وابنها علي، واقتتلوا بالموصل عند الكناسة، فظفر علي، وانهزم محمد، وملك علي الموصل, فلما وصل إبراهيم إلى جهينة، وبينه وبين الموصل أربعة فراسخ، سمع أن الأمير علياً ابن أخيه شرف الدولة قد ملكها، ومعه أمه صفية، عمة ملكشاه، فأقام مكانه، وراسل صفية خاتون، وترددت الرسل، فسلمت البلد إليه، فأقام به, فلما ملك تتش نصيبين أرسل إليه يأمره أن يخطب له بالسلطنة، ويعطيه طريقاً إلى بغداد لينحدر، ويطلب الخطبة بالسلطنة، فامتنع إبراهيم من ذلك، فسار تتش إليه، وتقدم إبراهيم أيضاً نحوه، فالتقوا بالمضيع، من أعمال الموصل، في ربيع الأول، وكان إبراهيم في ثلاثين ألفاً، وكان تتش في عشرة آلاف، وكان آقسنقر على ميمنته، وبوزان على ميسرته، فحمل العرب على بوزان، فانهزم، وحمل آقسنقر عليهم فهزمهم، وتمت الهزيمة على إبراهيم والعرب، وأخذ إبراهيم أسيراً وجماعة من أمراء العرب، فقتلوا صبراً، ونهبت أموال العرب وما معهم من الإبل والغنم والخيل وغير ذلك، وقتل كثير من نساء العرب أنفسهن خوفاً من السبي والفضيحة, وملك تتش بلادهم الموصل وغيرها، واستناب بها علي بن شرف الدولة، وأمه صفية عمة تتش، وأرسل إلى بغداد يطلب الخطبة، وساعده كوهرائين على ذلك، فقيل لرسوله: إنا ننتظر وصول الرسل من العسكر، فعاد إلى تتش بالجواب.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً