كان أبو منصور بن علاء الدولة، صاحب أصبهان، غير ثابت على طريقة واحدة مع السلطان طغرلبك، كان يكثر التلون معه، تارة يطيعه وينحاز إليه، وتارة ينحرف عنه ويطيع الملك الرحيم البويهي، فأضمر له طغرلبك سوءاً، فلما عاد هذه الدفعة من خراسان لأخذ البلاد الجبلية من أخيه إبراهيم ينال، واستولى عليها، وعدل إلى أصبهان عازماً على أخذها من أبي منصور، فسمع ذلك، فتحصن ببلده، واحتمى بأسواره، ونازله طغرلبك في المحرم، وأقام على محاصرته نحو سنة، وكثرت الحروب بينهما، إلا أن طغرلبك قد استولى على سواد البلد، وأرسل سرية من عسكره نحو فارس، فبلغوا إلى البيضاء، فأغاروا على السواد هناك وعادوا غانمين ولما طال الحصار على أصبهان، وأخرب أعمالها، ضاق الأمر بصاحبها وأهلها، وأرسلوا إليه يبذلون له الطاعة والمال، فلم يجبهم إلى ذلك، ولم يقنع منهم إلا بتسليم البلد، فصبروا حتى نفدت الأقوات، وامتنع الصبر، وانقطعت المواد، وسلموا البلد إليه فدخله وأخرج أجناده منه وأقطعهم في بلاد الجبل، وأحسن إلى الرعية، وأقطع صاحبها أبا منصور ناحيتي يزد وأبرقوية، وتمكن من أصبهان ودخلها في المحرم من سنة ثلاث وأربعين واستطابها، وأقام فيها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً