خرج الأمير محمد بنفسه إلى الثغر، وحل في وجهته بطليطلة، وأخذ رهائنهم، وعقد أمانهم، وقاطعهم على قطيع من العشور يؤدونه في كل عام، وهو الأمان الثاني. واختلفت أهواؤهم في عمالهم؛ فطلب قوم منهم تولية مطرف بن عبد الرحمن، وطلب آخرون تولية طربيشة؛ فولى كل واحد منهما جانبا، وتقسما المدينة وأقاليمها على حدود مفهومة معلومة؛ ثم تنازعا، وأراد كل واحد منهما الانفراد بملك طليطلة. ثم غلب الداعون إلى تقديم طربيشة ابن ماسوية، وتأخير مطرف المذكور. وكان الأمير محمد تتلقاه في وجهته هذه، في الارتحال والاحتلال، طلائع الظفر، وبوادر النجاح والنصر. وتجول في الثغر محاصرا لبني موسى، ومضيقا عليهم. ثم تقدم إلى بنبلونة؛ فوطئ أرضها، وأذل أهلها، وخربها؛ ثم قفل؛ فحل بقرطبة، ومعه جماعة من الثوار الناكثين المفسدين. فلما أخذ راحته، أمر بقتل مطرف بن موسى وبنيه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً