مرض السلطان الملك المنصور علي بن الملك الأشرف شعبان ولزم الفراش، حتى مات بين الظهر والعصر من يوم الأحد ثالث عشرين صفر ودفن من ليلته بعد عشاء الآخرة في تربة جدته لأبيه خوند بركة بالقبة التي بمدرستها بالتبانة، وكان الذي تولى تجهيزه وتغسيله ودفنه الأمير قطلوبغا الكوكائي، وكانت مدة سلطنته على ديار مصر خمس سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوماً، ومات وعمره اثنتا عشرة سنة، ولم يكن في سلطنته سوى مجرد الاسم فقط، وإنما كان أمر المملكة في أيام سلطنته إلى قرطاي أولاً ثم إلى برقوق آخراً، وهو كالآلة معهم لصغر سنه ولغلبتهم على الملك، وتسلطن من بعده أخوه أمير حاج ابن الملك الأشرف شعبان بن حسين، ولم يقدر برقوق - مع ما كان عليه من العظمة - أن يتسلطن، وتلقب بالملك الصالح، ولما تم أمر الملك الصالح هذا ألبسوه خلعة السلطنة، وركب من باب الستارة بأبهة الملك، وبرقوق والأمراء مشاة بين يديه، إلى أن نزل إلى الإيوان بقلعة الجبل، وجلس على كرسي الملك، وقبلت الأمراء الأرض بين يديه، ثم مد السماط وأكلت الأمراء، ثم قام السلطان الملك الصالح ودخل القصر، وخلع على الخليفة المتوكل على الله خلعة جميلة، ونودي بالقاهرة ومصر بالأمان والدعاء للملك الصالح حاجي، وخلع السلطان على الأتابك برقوق واستقر على عادته أتابك العساكر ومدبر الممالك لصغر سن السلطان، وكان سن السلطان يوم تسلطن نحو تسع سنين تخميناً.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً