لقد شهدت سوريا خمسا وثلاثين ثورة قبل الثورة الكبرى وقتل في تلك الثورات ما يقارب خمسة آلاف جندي فرنسي وكان الدروز غائبين عن كل ذلك ولكن بعد وفاة سليم الأطرش حاكم جبل الدروز وتعيين حاكم فرنسي بدلا عنه ناقضين اتفاقهم مع زعماء الجبل الذين نفاهم الجنرال سراي بعد ذلك فتمرد الدروز ووقعت معركة المزرعة مما اضطر سراي أن يدخل في مفاوضات مع الدروز لوقف القتال وإطلاق سراح الزعماء ثم اتصل أعضاء حزب الشعب بزعماء الدروز وقرروا التعاون للدفاع عن استقلال البلاد وحث الدكتور الشهبندر سلطان الأطرش على التقدم نحو دمشق ضد السلطات الفرنسية فاشتعلت المعارك حول دمشق وغوطتها والجبل وقراه فأرسلت فرنسا الجنرال جاملان وعينوه قائدا عاما لجيش الشرق فزحف نحو الجبل ولم يستطع احتلال عاصمة الجبل السويداء ثم نشبت ثورة حماة في تشرين الأول ١٩٢٥م وانتشرت إلى دمشق وعمت أنحاء سوريا وقصفت قوات فرنسا في دمشق بعد أن اتسع نطاق حرب العصابات فأطلق الفرنسيون نيران مدافعهم وقنابل طائراتهم على دمشق واسواقها وأحيائها أياما وشهورا خلال الثورة، واشتركت في هذه الثورة جميع الطوائف بما فيهم البدو إلا أن بعض الطوائف لم تشترك بالثورة مثل النصيريين وسكان سنجق اسكندرون وأغلبهم نصيرية، وكانت القوات الفرنسية تستعين في إخماد الثورات على الأقليات الذين جندتهم للثورة كالأرمن وبعض الشراكسة وبعض البدو الذين كان لهم ثأر مع الدروز، ولكن في أواخر أيام الثورة انضم الدروز إلى السلطات الفرنسية تحت لواء قيادتهم عبدالغفار الأطرش ومتعب الأطرش وتطوعوا بالجيش الفرنسي وأجهزة الأمن الفرنسية وقد كانوا قبل ذلك في اللجنة العليا للثورة السورية التي أعلن المجاهدون حلها بعد هذه الخيانة، واما عموم النصارى فكان غالبهم وقف موقف المتفرج غير الذين كانوا يعملون في أجهزة الأمن الفرنسي، وكان النصارى في دمشق يضعون أقمشة بيضاء عليها صليب أحمر ليعرف الطيارون أنها بيوت للنصارى فلا يقصفونها، وأما الغوطة فقد كانت ملجأ للمجاهدين فقام الفرنسيون بإحراق معضظم بساتينها وفرضت السلطات الفرنسية غرامات مالية على الأهالي فوق القصف العشوائي الذي استكرته القناصل وهاجر كثير من أهل دمشق إلى بيروت ومصر وغيرها واستمر مسلسل العنف والدمار إلى أيار ١٩٢٦م ثم حدثت مفاوضات مع بعض المسؤولين السوريين بقيت قرابة التسعة أشهر لكن دون نتيجة فعادت سياسة العنف والقصف والنهب للأحياء كما كانت.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً