[القتال بين تيمورلنك والعثمانيين وأسر السلطان العثماني بايزيد الأول بن عثمان.]
العام الهجري:٨٠٤
الشهر القمري:ذو الحجة
العام الميلادي:١٤٠٢
تفاصيل الحدث:
بعد أن رحل تيمورلنك من بغداد كتب إلى أبي يزيد بن عثمان صاحب الروم أن يخرج السلطان أحمد بن أويس وقرا يوسف من ممالك الروم وإلا قصده وأنزل به ما نزل بغيره، فرد أبو يزيد جوابه بلفظ خشن إلى الغاية؛ فسار تيمور إلى نحوه، فجمع أبو يزيد بن عثمان عساكره من المسلمين والنصارى وطوائف التتر، فلما تكامل جيشه سار لحربه، فأرسل تيمور قبل وصوله إلى التتار الذين مع أبي يزيد بن عثمان يقول لهم: نحن جنس واحد، وهؤلاء تركمان ندفعهم من بيننا، ويكون لكم الروم عوضهم، فانخدعوا له وواعدوه أنهم عند اللقاء يكونون معه، وسار أبو يزيد بن عثمان بعساكره على أنه يلقى تيمور خارج سيواس، ويرده عن عبور أرض الروم، فسلك تيمور غير الطريق، ومشى في أرض غير مسلوكة، ودخل بلاد ابن عثمان، ونزل بأرض مخصبة وسيعة، فلم يشعر ابن عثمان إلا وقد نهبت بلاده، فقامت قيامته وكر راجعاً، وقد بلغ منه ومن عسكره التعب مبلغاً أوهن قواهم، وكلت خيولهم، ونزل على غير ماء، فكادت عساكره أن تهلك، فلما تدانوا للحرب كان أول بلاء نزل بابن عثمان مخامرة التتار بأسرها عليه، فضعف بذلك عسكره، لأنهم كانوا معظم عسكره، ثم تلاهم ولده سليمان ورجع عن أبيه عائداً إلى مدينة برصا بباقي عسكره، فلم يبق مع أبي يزيد إلا نحو خمسة آلاف فارس، فثبت بهم حتى أحاطت به عساكر تيمورلنك وصدمهم صدمة هائلة بالسيوف والأطبار حتى أفنوا من التمرية أضعافهم، واستمر القتال بينهم من ضحى يوم الأربعاء إلى العصر، فكفت عساكر ابن عثمان، وتكاثروا التمرية عليهم يضربونهم بالسيوف لقلتهم وكثرة التمرية، فكان الواحد من العثمانية يقاتله العشرة من التمرية، إلى أن صرع منهم أكثر أبطالهم، وأخذ أبو يزيد بن عثمان أسيراً قبضاً باليد على نحو ميل من مدينة أنقرة، في يوم الأربعاء سابع عشرين ذي الحجة بعد أن قتل غالب عسكره بالعطش، فإن الوقت كان ثامن عشرين أبيب بالقبطي وهو تموز بالرومي، وصار تيمور يوقف بين يديه في كل يوم ابن عثمان طلباً ويسخر منه وينكيه بالكلام، وجلس تيمور مرة لمعاقرة الخمر مع أصحابه وطلب ابن عثمان طلباً مزعجاً، فحضر وهو يرسف في قيوده وهو يرجف، فأجلسه بين يديه وأخذ يحادثه، ثم وقف تيمور وسقاه من يد جواريه اللاتي أسرهن تيمور، ثم أعاده إلى محبسه، ثم قدم على تيمور إسبندار أحد ملوك الروم بتقادم جليلة، فقبلها وأكرمه ورده إلى مملكته، هذا وعساكر تيمور تفعل في بلاد الروم وأهلها تلك الأفعال المقدم ذكرها، وأما أمر سليمان بن أبي يزيد بن عثمان، فإنه جمع المال الذي كان بمدينة بورصا، وجميع ما كان فيها ورحل إلى أدرنة وتلاحق به الناس، وصالح أهل إستانبول، فبعث تيمورلنك فرقة كبيرة من عساكره صحبة الأمير شيخ نور الدين إلى برصا فأخذوا ما وجدوا بها، ثم تبعهم هو أيضاً بعساكره، ثم أفرج تيمور عن محمد وعلي أولاد ابن قرمان من حبس أبي يزيد بن عثمان، وخلع عليهما وولاهما بلادهما، وألزم كل واحد منهما بإقامة الخطبة، وضرب السكة باسمه واسم السلطان محمود خان المدعو صرغتمش، ثم شتا في معاملة منتشا وعمل الحيلة في قتل التتار الذين أتوه من عسكر ابن عثمان حتى أفناهم عن آخرهم، وأما أبو يزيد بن عثمان، فإنه استمر في أسر تيمورلنك من ذي الحجة سنة أربع، إلى أن مات بكربته وقيوده، في أيام من ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة، بعد أن حكم ممالك الروم نحو تسع سنين.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً