الشيخ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي، من بني تميم. ولد في عنيزة في القصيم في الثاني عشر من محرم سنة ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم. نشأ الشيخ يتيماً ولكنه نشأ نشأة صالحة وقد أثار الإعجاب فقد اشتهر منذ حداثته بفطنته، وذكائه، ورغبته الشديدة في طلب العلم وتحصيله، فحفظ القرآن عن ظهر قلب وعمره أحد عشر سنة ثم اشتغل بالعلم على يد علماء بلده حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم ولما بلغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يَتَعلم ويُعلِّم. وكان ذا شفقة على الفقراء، والمساكين، والغرباء مادًّا يد المساعدة لهم بحسب قدرته، ويستعطف لهم المحسنين ممن يُعْرف عنهم حب الخير في المناسبات. وكان على جانب كبير من الأدب، والعفّة، والنّزاهة، والحزم في كل أعماله، وكان من أحسن الناس تعليماً، وأبلغهم تفهيماً. كان رحمه الله ذا معرفة فائقة في الفقه وأصوله، وكان أول أمره متمسكاً بالمذهب الحنبليّ تبعاً لمشايخه، ويحفظ بعض متون المذهب. وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وحصل له خير كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد، والتفسير، وغيرها من العلوم النافعة. وبسبب استنارته بكتب الشيخين المذكورين صار لا يتقيد بالمذهب الحنبلي، بل يرجح ما تَرَجّح عنده بالدليل الشرعي، أما مصنفاته: فكان رحمه الله تعالى ذا عناية بالغة بالتأليف فشارك في كثير من فنون العلم فألّف في التوحيد، والتفسير، والفقه، والحديث، والأصول، والآداب، وغيرها، وأغلب مؤلفاته مطبوعة إلا اليسير منها، فمنها الأدلة والقواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين. والإرشاد إلى معرفة الأحكام. وانتصار الحق. وبهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار. والتوضيح والبيان لشجرة الإيمان. وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ورسالة في القواعد الفقهية. وطريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول. ومنهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين. وغيرها كثير، وأما وفاته فبعد عمر دام تسعاً وستين سنة قضاها في التعلم والتعليم والتأليف وخدمة الأمة الإسلامية وافاه الأجل المحتوم فتوفى في مدينة عنيزة من بلاد القصيم رحمه الله رحمة واسعة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً