لما انهزم جلال الدين من التتر على آمد نهب التتر سواد آمد وأرزن وميافارقين، وقصدوا مدينة أسعرد، فقاتلهم أهلها، فبذل لهم التتر الأمان، فوثقوا منهم واستسلموا، فلما تمكن التتر منهم وضعوا فيهم السيف وقتلوهم حتى كادوا يأتون عليهم، فلم يسلم منهم إلا من اختفى؛ وقليل ما هم، ومدة الحصار كانت خمسة أيام، ثم ساروا منها إلى مدينة طنزة ففعلوا فيها كذلك، وساروا من طنزة إلى واد بالقرب من طنزة يقال له وادي القريشية، فيه مياه جارية، وبساتين كثيرة، والطريق إليه ضيق، فقاتلهم أهل القريشية، فمنعوهم عنه، وامتنعوا عليهم، وقتل بينهم كثير، فعاد التتر ولم يبلغوا منهم غرضاً، وساروا في البلاد لا مانع يمنعهم، ولا أحد يقف بين أيديهم، فوصلوا إلى ماردين فنهبوا ما وجدوا من بلدها، واحتمى صاحب ماردين وأهل دنيسر بقلعة ماردين، وغيرهم ممن جاور القلعة احتمى بها أيضاً، ثم وصلوا إلى نصيبين الجزيرة، فأقاموا عليها بعض نهار، ونهبوا سوادها وقتلوا من ظفروا به، وغلقت أبوابها، فعادوا عنها، ومضوا إلى بلد سنجار، ووصلوا إلى الجبال من أعمال سنجار، فنهبوها ودخلوا إلى الخابور، فوصلوا إلى عرابان، فنهبوا، وقتلوا، وعادوا ومضى طائفة منهم على طريق الموصل، فوصل القوم إلى قرية تسمى المؤنسة، وهي على مرحلة من نصيبين، بينها وبين الموصل، فنهبوها واحتمى أهلها وغيرهم بخان فيها، فقتلوا كل من فيه، ومضى طائفة منهم إلى نصيبين الروم، وهي على الفرات، وهي من أعمال آمد، فنهبوها، وقتلوا فيها، ثم عادوا إلى آمد، ثم إلى بلد بدليس، فتحصن أهلها بالقلعة وبالجبال، فقتلوا فيها يسيراً، وأحرقوا المدينة، ثم ساروا من بدليس إلى خلاط، فحصروا مدينة من أعمال خلاط يقال لها: باكرى، وهي من أحصن البلاد، فملكوها عنوة، وقتلوا كل من بها، وقصدوا مدينة أرجيش من أعمال خلاط، وهي مدينة كبيرة عظيمة، ففعلوا كذلك، وكان هذا في ذي الحجة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً