للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء (١)»، وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع، يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد، ما يخرج عن قدر الله، لكن له أعمال وله تصرفات، لا يخرج بها عن قدر الله، فهو يسافر، يصلي، يصوم، يزني، يسرق، يعق، يقطع الرحم، يطيع، يسافر، يصل فلانا، يقطع فلانا، يرحم فلانا ويؤذي فلانا، يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان، له أعمال طيبة وخبيثة فهو مأجور على الطيبة، ومأزور على الخبيثة، والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة، على الطبية بالجزاء الحسن، وعلى أعماله الرديئة، بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحدا، فهو سبحانه العفو العظيم جل وعلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (٢)»، لما سئل فقيل: «يا رسول الله، إذا كانت منازلنا في الجنة معلومة، لما قال لهم: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله إذا كان هذا قد سبق في علم الله، ففيم العمل؟ كيف نعمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل


(١) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم ٢٦٥٣.
(٢) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، برقم ٢٤٨٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>