عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول لعن من فعلها ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، فيقع الشرك الأكبر؛ فإنه إذا بنى عليه مسجدا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه مسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة، يشفع لنا عند ربنا في كذا، فيدعونه من دون الله، وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضا من اتخاذها مساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (١)»
فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدا، فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره، ولا يبني عليه مسجدا ولا قبة، كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما بكنيسة رأتاها في ديار الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك - يعني: النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار
(١) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (٣٣٥)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٥٢٣).