ويستحب أن يرفع صوته بالخطبة؛ لحديث جابر، ولأن القصد بالخطبة الإعلام، فكان رفع الصوت أولى، فإن خطب سرًا بحيث يسمع نفسه لا غير ... ففيه وجهان:
أحدهما - وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي -: أنه يجزئه، وبه قال أبو حنيفة، كما لو خطب بالعربية، وهم عجم لا يفقهونه، أو كما لو جهر بالخطبة، وهم صم لا يسمعونه.
والثاني: لا يجزئه؛ لأنه أخل بالمقصود، فهو كما لو خطب في نفسه، أو كما لو كتبها في درج، وقرؤوها في أنفسهم، وفهموها، ويخالف إذا خطب بالعربية، وهم عجم أو صم؛ لأنه لم يفرط هناك، وهاهنا قد فرط.
[مسألة يسن للخطبة]
والسنة: أن يخطب على شيء مرتفع: إما منبرٍ، أو درجةٍ، لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما دخل المدينة ... خطب مستندًا إلى جذع في المسجد، ثم صنع له المنبر، فصعده، وخطب عليه، فحن الجذع حتى سمعه أهل المسجد، فنزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليه، وضمه حتى سكن» .
ولأنه أبلغ في الإعلام.
ويستحب أن يكون المنبر على يمين المحراب، وهو الموضع الذي يكون على يمين الإمام، إذا توجه إلى القبلة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صنع له منبره هكذا.
ويستحب للإمام إذا دخل المسجد أن يسلم على الناس عند دخوله، فإذا بلغ المنبر ... صلى ركعتين تحية المسجد، ثم يصعد المنبر، فإذا بلغ إلى الدرجة التي تلي الدرجة التي يستريح بالقعود عليها