أحدهما ـ وهو قول أبي إسحاق ـ: أنه لا يستحق شيئًا؛ لأن عوض المثل إنما يستحق في العقد الفاسد إذا تلفت منفعة العامل في نفع صاحبه، وهاهنا لم يحصل للآخر نفع، فلم يستحق عليه عوض المثل.
والثاني: أنه يستحق عوض المثل. وهو الصحيح؛ لأن كل منفعة ضمنت بالمسمى في العقد الصحيح.. ضمنت بعوض المثل في العقد الفاسد، كالقراض.
[مسألة: الشرط الباطل يبطل النضال]
ولو قال: سبقتك عشرة، على أنك إن نضلتنى أطعمت السبق أصحابك، أو كان المال منهما، وبينهما محلل، وشرطا أن الناضل يطعم السبق أصحابه. فالمنصوص:(أن الشرط باطل، والنضال باطل) .
وقال أبو إسحاق: يحتمل قولًا آخر، أن يبطل الشرط، ويصح النضال، كما قال الشافعي ـ فيمن قال: أصدقتك ألفين على أن تعطي أباك ألفا ـ: (إن الشرط باطل، والصداق صحيح) ؛ لأنه شرط عليها ما لا يعود نفعه إليه. وهذا ليس بصحيح؛ لأنه تمليك شرط فيه شرط يمنع كمال التصرف، فإذا بطل الشرط.. بطل العقد، كما لو باعه شيئًا، وشرط على المشتري أن يتصدق بالمبيع، أو كما لو باعه شيئًا، واشترط عليه أن لا يبيعه.
إذا ثبت هذا: فإن قلنا: يصح النضال.. كان الناضل بالخيار: بين أن يطعم أصحابه، أو لا يطعمهم، وإذا قلنا: لا يصح النضال.. لم يستحق الناضل المسمى، وهل يستحق عوض المثل؟ على الوجهين في المسألة قبلها.
مسألة:[عقد على إصابة خمسة سهام] :
فإن عقد النضال على عشرين رشقًا وإصابة خمسة منها مبادرة، فإن أصاب أحدهما خمسة من خمسة، أو من ستة، وأصاب الآخر منها أربعة.. فالذي أصاب خمسة هو الناضل، وسقط رمي ما بقي من الرشق؛ لأن أحدهما قد نضل صاحبه.