ألا ترى أن الراعف لو لم يصبه الرعاف؛ لكانت صلاته أنقص من صلاة فرعه في حال كونه إمامًا له.
وقال أبو غانم ملقي أبي العباس: تأويلها: هو أن الراعف لما أحس بالرعاف استخلف المقيم، وهو في الصلاة قبل أن يظهر الدم، فائتم بالمقيم في جزء من صلاته، ثم خرج الدم.
وهذا ليس بشيء؛ لأن الإمام إنما يستخلف وينصرف، فأما أن يستخلف، ويصلي مع خليفته فلا، هكذا قال ابن الصباغ؛ ولأن الشافعي قال:(فرعف، واستخلف مقيمًا) . وظاهر قوله: أنه استخلف بعد أن رعف.
[فرع تفريق الإمام المصلين في صلاة الخوف]
إذا فرق الإمام الناس فرقتين في صلاة الخوف، وصلى بفرقة ركعة، وقام إلى الثانية فأحدث، واستخلف مقيمًا ليصلي بهم الركعة الثانية قال الشافعي:(كان على الطائفتين أن يصلوا أربعًا) .
قال أصحابنا: تأويلها: إذا قدم المقيم قبل أن تفارقه الأولى، فأما بعد مفارقته: فإن الأولى تقصر دون الثانية.
[مسألة حكم القصر]
إذا سافر إلى بلد تقصر إليه الصلاة، فوصل ذلك البلد، فإن لم ينو الإقامة فيه فهو مسافر فيه، وله أن يقصر فيه الصلاة. وإن نوى فيه الإقامة صار مقيمًا فيه بنفس الدخول، فينقطع عنه رخص المسافر؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل مكة يوم الرابع من ذي الحجة، وخرج إلى منى يوم الثامن من ذي الحجة، وهو يقصر الصلاة» .