وإذا عقد الإمام الهدنة، ثم مات أو عزل، ثم ولي إمام بعده.. وجب عليه الوفاء بما عقده الإمام قبله؛ لما رُوِيَ: أن نصارى نجران قالوا لعلي كرم الله وجهه: إن الكتاب بيديك، والشفاعة إليك، وإن عمر قد أجلانا من أرضنا، فردنا إليها، فقال علي:(إن عمر كان رشيدا في أمره، وإني لا أغير أمرا فعله عمر) . ولأن الأول فعله باجتهاده، فلم يجز لمن بعده نقضه باجتهاده.
[فرع: عقد الهدنة مع المشركين ومنعهم]
إلا من بعضهم على بعض وأهل الحرب] :
إذا عقد الإمام الهدنة لقوم من المشركين.. فعليه أن يمنع عنهم كل من قصدهم من المسلمين وأهل الذمة؛ لأن عقد الهدنة اقتضى ذلك. ويجب على المسلمين وأهل الذمة ضمان ما أتلفوه عليهم من نفس ومال، والتَّعزِير بقذفهم، ولا يجب على الإمام أن يمنع بعضهم من بعض، ولا يمنع عنهم أهل الحرب؛ لأن الهدنة لم تعقد على حفظهم، وإنما عقدت على ترك قتالهم، بخلاف أهل الذمة؛ فإنهم قد التزموا أحكام المسلمين، فلذلك وجب على الإمام منع كل من قصدهم، وهؤلاء لم يلتزموا أحكام المسلمين.
[مسألة: جاءت حرة مسلمة إلى بلد له إمام وتفسير آية الممتحنة]
إذا جاءت منهم حرة مسلمة إلى بلد فيه الإمام أو نائب عنه.. فقد ذكرنا: أنه لا يجوز ردها إليهم. فإن جاء بعض قرابتها، مثل أبيها أو أخيها يطلبها.. فإنها لا ترد إليه، ولا يجب أن يرد إليه مهرها. فإن كان لها زوج وجاء يطلبها.. فإنها لا ترد إليه، وهل يجب على الإمام أن يرد إليه مهرها؟ فيه قولان: