وإن كان في كل واحد منهما شيرج، وكما يصح بيع دار بدار وإن كان في كل واحدة منهما بئر ماء.
و [الثاني] : قال أكثر أصحابنا: لا يصح البيع، وهو المنصوص؛ لأن اللبن في الضرع، كاللبن في الإناء، فلم يصح، كما لو باع حيوانًا ولبنًا، بحيوان ولبن.
وأمَّا السمسم بالسمسم: فالفرق بينهما: أن الشيرج في السمسم كالمعدوم؛ لأنه لا يؤخذ منه إلا بطحن ومعالجة. واللبن في الضرع يمكن أخذه من غير مشقة شديدة، فهو كاللبن في الإناء.
وأمَّا الماء في البئر: فإن قلنا: إن الماء غير مملوك.. لم يكن فيه ربا؛ لأنه لم يتناوله البيع. وإن قلنا: إنه مملوك، فإن قلنا: إن في الماء ربًا.. لم يجز بيع دار بدار، وفي كل واحدة منهما بئر ماء. وإن قلنا: لا ربا في الماء.. جاز.
[فرعٌ: بيع حليب الجنس]
ويجوز بيع حليب الجنس بعضه ببعض متماثلاً، كما يجوز بيع التمر بالتمر. ويجوز بيع الرائب بالرائب، وهو: اللبن الذي فيه بعض حموضةٍ، كما يجوز بيع تمر غير طيب بتمر غير طيب. ويجوز بيع الحليب بالرائب، كما يجوز بيع تمر طيب بتمر غير طيب.
قال الشيخ أبو حامد: ولا يجوز بيع الحليب المغلي بغير المغلي، ولا بيع المغلي بالمغلي؛ لأن النار تعقد أجزاءه. ولا يجوز بيع الحليب المشوب بالماء الخالص، ولا بيع المشوب بالمشوب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تفاضل اللبنين. ولا يجوز بيع اللبن بالزبد.
قال الشافعي:(لأن الزبد مستخرج من اللبن، فيكون كبيع السمسم بالشيرج) .
وقال الشيخ أبو إسحاق: العلة فيه: أن الزبد لا يخلو من لبن، فيكون بيع لبن مع غيره بلبن، والصحيح: التعليل الأول.