والوجه الثاني: أنه يفتقر إلى استئناف عقد، وهو الأصح؛ لأن عقد الأب إنما كان لنفسه وإنما تبعه الولد لصغره، فإذا بلغ.. زال التبع.
فعلى هذا: يرفق الإمام به ليلتزم أكثر من الدينار، فإن لم يرض إلا بالتزام الدينار لا غير.. وجب قبول ذلك منه وإن كان أبوه قد التزم أكثر منه.
[فرع: امتناع السفيه ووليه من دفع الجزية يخرجهما من ديار المسلمين]
فإن بلغ الذمي غير رشيد.. فإن الحجر لا يفك عنه. فإن اتفق السفيه ووليه على عقد الذمة له وبذل الجزية.. عقدت له الذمة، وإن امتنعا من ذلك.. أخرجا من دار الإسلام.
وإن اختلف السفيه ووليه. فطلب أحدهما أن تعقد الذمة للسفيه بالجزية وامتنع الآخر.. كان الاعتبار بإرادة السفيه من ذلك؛ لأنه سبب لحقن دمه.
[مسألة: لا جزية على المجنون]
] : ولا تؤخذ الجزية من المجنون المطبق.
ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: تؤخذ منه الجزية؛ لأن حالات جنونه كحالات نومه. وليس بشيء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ}[التوبة: ٢٩] الآية [التوبة: ٢٩] وفيها أربعة أدلة:
أحدها: قَوْله تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}[التوبة: ٢٩] والمجنون لا يقاتل.
الثاني: قوله {وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}[التوبة: ٢٩] والمجنون لا يدين.
الثالث: قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}[التوبة: ٢٩] ومعناه حتى يضمنوا، والمجنون لا يصح ضمانه.