الثالثة: أن ينتقل أهلها، ويبقى بعض أهل الحي وفيهم منعة.. فهي بالخيار: إن شاءت.. أقامت مع من بقي؛ لأن فيهم منعة، وإن شاءت.. انتقلت مع أهلها؛ لأن عليها وحشة وضررا لمفارقة أهلها، فجاز لها الانتقال معهم.
الرابعة: أن يهرب أهلها عن الموضع خوفا من سلطان أو عدو، وغيرهم من أهل الحي مقيمون، فإن كانت تخاف ما يخاف أهلها.. فلها أن ترتحل مع أهلها، وإن كانت لا تخاف.. لم يجز لها الانتقال؛ لأن أهلها لم ينتقلوا هاهنا، وإنما هربوا ومساكنهم باقية، ولا تخاف هي ما يخافون، فلم يكن لها عذر في الانتقال، ويفارق إذا انتقل أهلها بغير الخوف؛ لأنهم قد انتقلوا عن الحي، ولم يبق لهم مسكن يرجى عودتهم إليه، فكان لها الانتقال معهم؛ لأنها تستوحش بمفارقتهم.
[مسألة طلق ملاح زوجته في السفينة]
] : إذا طلق الملاح امرأته وهي معه في السفينة، فإن كان لها مسكن في البر تأوي إليه وقت الإقامة، وإنما تكون في السفينة وقت السفر.. قال الشيخ أبو حامد: فهي مسافرة مع الزوج، فتكون بالخيار: إن شاءت.. رجعت إلى مسكنها في البر، واعتدت فيه، وإن شاءت.. سافرت، فإذا بلغت إلى الموضع الذي قصدته.. أقامت مقام المسافر، ثم رجعت إلى مسكنها في البر، وأكملت عدتها فيه.
وإن لم يكن لها مسكن إلا في السفينة، فإن كان في السفينة بيوت وحواجز يمكنها أن تسكن في بيت منها، بحيث لا يخلو بها أحد، ولا يقع عليها بصر الزوج.. فعليها أن تسكن فيها إلى أن تنقضي عدتها؛ لأنها كالبيوت في الخان، وإن لم يكن فيها بيوت.. نظرت:
فإن كان معها محرم لها، ويمكنه القيام بأمر السفينة.. فعلى الزوج أن يخرج من السفينة حتى تنقضي عدتها في السفينة، كما لو طلقها في دار ليس فيها إلا بيت واحد.
وإن لم يكن معها محرم لها، أو كان معها محرم لها ولكنه لا يمكنه القيام بأمر السفينة.. فعلى الزوج أن يكتري لها موضعا بالقرب من ذلك الموضع تعتد فيه؛ لأن هذا موضع ضرورة.