فإن كان الطلاق رجعيا.. وجب عليه نفقتها وإسكانها حيث يختار؛ لأنها في معاني الزوجات، بدليل: أنه يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه، ويتوارثان، فكانت في معاني الزوجات في النفقة والسكنى، ولأن النفقة والسكنى يجبان في مقابلة الاستمتاع، والزوج متمكن من الاستمتاع بها متى شاء بعد الرجعة، وإنما حرمت عليه لعارض، فهو كما لو أحرم أو أحرمت. قال أصحابنا: وهو إجماع أيضا.
وإن كان الطلاق بائنا.. وجب على الزوج لها السكنى، وبه قال ابن عمر، وابن مسعود، وعائشة، وهو قول فقهاء المدينة، وعلماء الأمصار.
وذهب ابن عباس، وجابر بن عبد الله إلى: أنه لا يجب عليه لها السكنى. وبه قال أحمد، وإسحاق؛ لما روي:«أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها وكان غائبا بالشام، فأمرها النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم» .
ودليلنا: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}[الطلاق: ١] إلى قوله: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[الطلاق: ١][الطلاق:١] . فأمر أن لا يخرجن من بيوتهن، وأراد به بيوت أزواجهن، والأمر على الوجوب.
والدليل على أنه أراد: بيوت أزواجهن: قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[الطلاق: ١] .
و (الفاحشة) هاهنا: هي أن تبدو على أحمائها، فلو أراد بيوتهن اللاتي يملكن.. لما أجاز إخراجهن للفاحشة.