والثاني: يصح؛ لأن هذا حق تعين له، فإذا لم يتمكن من الوصول إليه من جهة من وجب عليه.. كان له أن يستوفيه بنفسه، كما لو كان له على رجل دين، فامتنع من أدائه.. فله أخذه من ماله بغير إذنه.
فإن تزوج المحجور عليه بغير إذن مع إمكان إذنه.. فالنكاح فاسد.. فإن وطئ المرأة.. فهل يجب عليه مهر المثل؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: يجب عليه لأنه أتلف بضعها بشبهة، فجرى مجرى إتلاف المال.
والثاني: لا يجب عليه شيء، لأنها بذلته باختيارها، فهو كما لو باعته مالا وأقبضته إياه.. فإنه لا يضمنه بالإتلاف.
[مسألة تزويجه لابنته الصغيرة بغير كفء]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وليس له أن يزوج ابنته الصغيرة عبدا، ولا غير كفء، ولا مجنونا، ولا مخبولا، ولا مجذوما، ولا أبرص) .
وهذا كما قال: لا يجوز للرجل أن يزوج ابنته الصغيرة لغير كفء، والعبد ليس بكفء للحرة، وقد مضى شروط الكفاءة. فلا يجوز أن يزوجها لمجنون ولا مخبول، لأن القصد من النكاح الاستمتاع، وهذا متعذر منه ولأنه لا يؤمن أن يجني عليها فـ (المخبول) هو: الذي تقادم جنونه وسكن، فلا يتأذى الناس به، أو يكون أبله، لا يحصل منه أذية لغيره. و (المجنون) هو: الذي يكون في ابتداء جنونه يتأذى به الناس.
ولا يزوجها بمجذوم ولا أبرص، لأن النفس تعاف ممن به هذه العيوب.
قال الشيخ أبو حامد: ولأنه يقال: إن هذه العيوب تعدي، وربما أعدت إليها أو إلى ولدها منه.