للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى القاضي أبُو الطيب في " المجرد " عن أبي إسحاق وجها آخر: أنه لا مهر له؛ لأنه لم يستقر له بالقبض، فهو كما لو أسلم قبل قبض العوض في البيع الفاسد.. فإنه لا يستحق قبضه. والأول أصح. وإن أسلم قبل أن يطالب بها.. لم يجب دفع المهر إليه؛ لأنه لما أسلم.. التزم أحكام الإسلام، وليس من أحكام الإسلام المطالبة بالمهر لأجل الحيلولة بالإسلام. وهكذا ذكر الشيخ أبُو حامد وابن الصبَّاغ.

وذكر الشيخ أبُو إسحاق: إذا أسلم بعد انقضاء العدة، فإن كان قد طالب بها قبل انقضاء العدة.. وجب المهر؛ لأنه قد وجب قبل البينونة. وإن لم يطالب إلا بعد انقضاء العدة.. لم يجب؛ لأن الحيلولة حصلت بالبينونة باختلاف الدين. فيأتي على تعليل الشيخ أبي إسحاق هذا: أن المرأة إذا دخل بها وأسلمت وجاءت إلى بلاد الإسلام، ولم يطالب بها زوجها إلا بعد انقضاء عدتها.. أنه لا يجب دفع المهر.

وإن أسلم الزوج قبل الدخول.. فذكر الشيخ أبُو حامد في " التعليق ": أن حكمه حكم ما لو أسلم بعد انقضاء عدتها وكانت مدخولا بها.. فتقع الفرقة بينهما، وأمَّا المهر: فإن طالب بها ثم أسلم.. وجب له المهر، فإن أسلم ثم طالب بها.. لم يجب له المهر. وذكر ابن الصبَّاغ: أنه لا يجب له المهر؛ لأنها بانت بإسلامها. فإذا أسلم بعد ذلك.. لم يكن له المطالبة بالمهر.

[فرع: يدفع المهر إذا صادقته المرأة على الزوجية]

كل موضع قلنا: يجب فيه دفع المهر إليه.. فإنما يجب دفعه إليه إذا صادقته المرأة على الزوجية، وأنها قبضت منه المهر الذي ادعاه. وإن أنكرت عين النكاح.. لم يقبل قوله حتى يقيم شاهدين، ذكرين، مسلمين، عدلين. فإن أقام شاهدا وأراد أن يحلف معه، أو أقام شاهدا وامرأتين.. لم يثبت النكاح؛ لأن النكاح لا يثبت بذلك.

وإن صادقته على الزوجية، أو أقام البينة عليها واختلفا فيما قبضته منه من الصداق، وأقام على ذلك شاهدا وحلف معه، أو شاهدا وامرأتين.. حكم له به؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>