فإن كان العمل في ملك المستأجر أو في غير ملكه وهو مشاهد لها.. استحق الأجير أجرة ما عمل؛ لأنه كلما عمل الأجير شيئًا.. صار قابضًا له.
قال الشيخ أبو حامد: إلا أن يكون الأجير تعدى في العين حين ابتدأ في العمل، فإنه لا يستحق أجرة ما عمل؛ لأنه متعد حين العمل، فلم يستحق أجرة.
وإن كان العمل في ملك الأجير والمستأجر غير مشاهد له.. فاختلف أصحابنا فيه:
فقال الشيخ أبو إسحاق: إن قلنا: إنه أمين.. لم يستحق الأجرة؛ لأنه لم يسلم العمل، وإن قلنا: إنه ضامن.. استحق عليه الأجرة؛ لأنه يقوم عليه معمولًا، فيصير بالتضمين مسلمًا للعمل، فاستحق الأجرة.
وقال الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ: لا يستحق الأجير الأجرة على القولين، وإن كان قد أخذ الأجرة.. ردها؛ لأن الأجرة إنما تستقر له بتسليم العمل، ولم يسلم له شيئًا من العمل.
[فرع: استأجر حائكًا لينسج غزله]
قال ابن الصباغ: إذا دفع إلى حائك غزلًا، واستأجره لينسجها له ثوبًا طوله عشرة أذرع في عرض أربعة، فنسجه دون الطول والعرض المذكورين.. استحق من الأجرة بحصة ما عمل من المسمى، وإن نسجه أكثر مما قدر له.. لم يستحق زيادة على المسمى.
وقال محمد بن الحسن: إذا جاء به أكثر من الذرع المشروط أو أقل.. فصاحب الثوب بالخيار: بين أن يطالبه بمثل غزله ويدفع إليه الثوب، وبين أن يدفع إليه بحسابه من الأجرة؛ لأن غرضه لم يسلم له. وهذا غير صحيح؛ لأنه استأجره ليعمل له عملًا، فعمل له بعضه فاستحق بقدره من الأجرة، كما لو استأجرة ليضرب له لبنا معلومًا، فضرب له بعضه.