وإن طلبت أن يسكنها في غيره.. لزمه: لأنه ليس عليها أن تؤاجره ملكها، ولا تعيره.
[مسألة سكنى معتدة الوفاة]
] : وأما المتوفى عنها زوجها: فهل تجب لها السكنى في مدة عدتها؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تجب لها السكنى، وبه قال علي، وابن عباس، وعائشة، وهو اختيار المزني؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤][البقرة: ٢٣٤] . فذكر العدة ولم يذكر السكنى، ولو كانت واجبة.. لذكرها. ولأنها لا تجب لها النفقة بالإجماع، فلم تجب لها السكنى، كما لو وطئها بشبهة.
والثاني: تجب لها السكنى، وبه قال عمر، وابن عمر، وابن مسعود، وأم سلمة، ومن الفقهاء: مالك، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وهو الصحيح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة: ٢٤٠][البقرة: ٢٤٠] . فذكر الله تعالى في هذه الآية أحكاما، منها: أن المتوفى عنها لا تخرج من منزلها. وأن العدة حول. وأن لها النفقة والوصية. فنسخت العدة فيما زاد على أربعة أشهر وعشر بالآية الأولى، ونسخت النفقة بآية الميراث، وبقيت السكنى على ظاهر الآية، بدليل: ما روي «عن فريعة بنت مالك: أنها قالت: أتيت النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقلت: يا رسول الله، إن زوجي خرج في طلب عبيد له هربوا، فلما وجدهم.. قتلوه، ولم يترك لي منزلا، أفأنتقل إلى أهلي؟ فقال لها:" نعم "، ثم دعاها قبل أن تخرج من الحجرة، فقال: " اعتدي في البيت الذي أتاك فيه وفاة زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله أربعة أشهر وعشرا» . ولأنها معتدة عن نكاح صحيح، فوجب لها السكنى، كالمطلقة.