وإن دفعها الملتقط إلى القاضي ليعرفها القاضي عنه أو دفعها إلى أمين بأمر القاضي.. جاز. وإن دفعها إلى أمين ليعرفها عنه بغير أمر القاضي.. ففيه وجهان، حكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٣٥٩] :
أحدهما: ليس له ذلك؛ لأنها أمانة في يده.. فلم يكن له إخراجها من يده بغير إذن المالك والقاضي من غير ضرورة، كالوديعة.
والثاني: له ذلك؛ لأن صاحب الشرع قد جعله وليا على هذه اللقطة، فصار كتصرف الأب في مال الابن.
[مسألة: تملك اللقطة بعد سنة]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فإن جاء صاحبها، وإلا.. فهي له بعد سنة) .
وقال في موضع آخر:(فإذا عرفها سنة فإن شاء ملكها على أن يغرمها لصاحبها إذا جاء، وإن شاء حفظها عليه) .
وجملة ذلك: أنه إذا وجد اللقطة وعرفها سنة.. فهل تدخل في ملكه من غير أن يختار تملكها، اختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: تدخل في ملكه بمضي سنة التعريف وإن لم يختر تملكها، واحتج بظاهر كلام الشافعي:(وإلا فهي له بعد سنة) ، وبما روي في حديث أبي ثعلبة الخشني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال «ما وجدته في طريق ميتاء أو قرية عامرة.. فعرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا.. فهي لك» ، ولأن سبب التملك هو التعريف فإذا وجد السبب.. حصل الملك، كالاصطياد، والاحتشاش، وإحياء الموات.
وقال أكثر أصحابنا: لا يملكها بمضي السنة، وهو الأصح؛ لأن الشافعي قال:(فإذا عرفها سنة: فإن شاء ملكها) ، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث زيد بن خالد الجهني:«ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا.. فشأنك بها» فأغراه بتملكها بعد التعريف، فدل على أنه لم يملكها بمضي مدة التعريف، ولأنه تملك بعوض، فافتقر إلى اختيار التملك - وفيه احتراز من الصيد والاحتشاش. فإذا قلنا بهذا: