وإذا أرادا التحالف.. فإنّ كلّ واحدٍ منهما يحلف على النفي والإثبات؛ لأن كل واحدٍ منهما مدّع ومنكرٌ لما ادّعي عليه، وهل يحلف كل واحد منهما يمينين، أو يمينًا واحدةً؟ ظاهر ما قال الشافعي هاهنا: أنه يحلف يمينًا واحدةً يجمع فيها بين النفي والإثبات، وقال في (التداعي) : (إذا كانت دارًا في أيديهما، فادّعى كل واحد منهما جميع الدار لنفسه.. فإن كل واحد منهما يحلف على النفي، فيحلف أحدهما: أنك لا تستحق شيئًا من نصيبي، ثم يحلف الآخر كذلك، فإذا حلفا جميعًا على النفي.. حلف كل واحدٍ منهما على الإثبات) .
فمن أصحابنا من نقل هذا الجواب إلى البيع، فجعل في البيع قولين:
أحدهما: يحتاج أن يحلف كل واحد منهما يمينين؛ لأن كل واحد منهما يدّعي عقدًا وينكرُ عقدًا، فافتقر إلى يمينين، ولأنهما إذا حلف كل واحدٍ منهما يمينًا.. حلف البائع على الإثبات، قبل نكول المشتري، فلم يجز.
والثاني: يكفي أن يحلف كل واحد منهما يمينًا؛ لأنه أقرب إلى فصل الحكم قال الشيخ أبو حامد: ولم يختلفوا أن مسألة التداعي في الدار على قول واحد، فإن كل واحدٍ منهما يحلف يمينين.
وقال ابن الصباغ: على هذا الطريق فيها قولان.
ومن أصحابنا من أجراهما على ظاهرهما، وقال: يحلف كل واحد منهما في التداعي بملك الدار يمينين؛ لأن يد كل واحد منهما ثابتة على نصف الدار، فلو قلنا: إن أحدهما يحلف يمينًا واحدةً: أنّ صاحبه لا يستحق شيئًا من نصيبه.. فإنه يستحق نصيب صاحبه، لكُنَّا قد حلّفناه على إثبات ما بيد غيره قبل نكول صاحب اليد، وهذا لا يجوز. وفي البيع يكفي كل واحد منهما أن يحلف يمينًا واحدةً؛ لأن كل واحد منهما لا يحلف على إثبات ما بيد غيره، وإنما يحلف على صفة عقد تضمّن نفيًا وإثباتًا، وجاز أن يحلف على الإثبات قبل نكول الآخر؛ لأن النفي تابع للإثبات،