للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدالة: فيمكن المولى ذلك كما يمكن الحاكم.

وهل للمولى أن يقيم الحد بعلمه؟ هو كالحاكم: هل له أن يقضي في الحدود بعلمه؟ على ما يأتي في القضاء، إن شاء الله تَعالَى.

[فرع: قطع السيد يد عبده في السرقة]

وهل للمولى أن يقطع مملوكه في السرقة؟ فيه وجهان:

[أحدهما] : قال أبُو العباس: ليس له ذلك؛ لأن ما يقطع به السارق مختلف فيه، فافتقر إلى الحاكم، بخلاف الحد في الزِّنَى؛ فإنه مجمع على سببه، ولأن السيد يملك على عبده من جنس الجلد في الحد؛ وهو التَّعزِير، ولا يملك عليه من جنس القطع.

والثاني: يجوز له القطع، وهو المنصوص؛ لقوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» ولم يفرق. ولـ " أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأرضاهما، قطع عبدا له سرق ". و: (قطعت عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أمة لها سرقت) . ولا مخالف لهما في الصحابة. ولأن من ملك إقامة حد الزِّنَى.. ملك إقامة حد السرقة، كالحاكم. وإن ارتد المملوك.. فليس للسيد أن يقتله على قول أبي العباس، وله أن يقتله على المنصوص؛ لـ: (أن حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قتلت أمة لها سحرتها) . والقتل بالسحر لا يكون إلا بالردة.

[فرع: شروط إقامة السيد الحد على مملوكه]

وأمَّا المولى الذي يملك إقامة الحد على مملوكه. فلا خلاف على المذهب: أن المولى إذا كان رجلا، بالغا، عاقلا، عالما، مسلما، حرا، عدلا.. فله إقامة الحد على مملوكه؛ لما ذكرناه. وهل للوصي أن يقيم الحد على رقيق الصغير؟ فيه وجهان حكاهما المسعودي [في " الإبانة "] بناء على أن له تزويج أمته أو عبده؟ فيه وجهان:

أحدهما - وهو قول أبي إسحاق: إن كان المولى يقيم الحد بنفسه.. فيحتاج أن يكون عدلا، عالما، قويا، له بطش. فإن وكل من يقيم له الحد.. فيحتاج أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>