والرجل اليمنى على القطع في المحاربة، سواء تقدمت الجناية أو أخذ المال؛ لأن حق الآدمي آكد، ولكن لا يقطع للمحاربة حتى يبرأ من قطع القصاص؛ لأنهما حقان يجبان بسببين مختلفين.
وأمَّا إذا قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى من رجل في غير المحاربة، وأخذ المال في المحاربة ولم يقتل، فإن اختار المجني عليه العفو عن القصاص وعفا.. قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى للمحاربة. وإن اختار القصاص.. قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في القصاص، وسقط القطع للمحاربة؛ لأن العضو الذي تعلق به القطع قد فات.
وإذا قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى من رجل في المحاربة، وأخذ المال في المحاربة ولم يقتل، فإن قلنا: إن القصاص فيما دون النفس لا يتحتم في المحاربة.. فهو كما لو قطعها في غير المحاربة، وقد مَضَى. وإن قلنا: يتحتم.. قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى للقصاص، وسقط القطع للمحاربة؛ لأن القصاص حق آدمي، والقطع في المحاربة حق لله تَعالَى.. فقدم حق الآدمي عليه. هكذا ذكر الشيخ أبُو حامد وابن الصبَّاغ.
وذكر الشيخ أبُو إسحاق: أنه إذا قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى في المحاربة، وأخذ المال ولم يقتل، وقلنا: يتحتم القصاص فيما دون النفس في المحاربة.. نظرت: فإن تقدم أخذ المال.. سقط قطع المحاربة؛ لما مَضَى. وإن تقدمت الجناية.. لم يسقط القطع للمحاربة، بل تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى؛ لأن اليد اليمنى والرجل اليسرى استحقا بالجناية قبل أخذ المال، فيصير كمن أخذ المال بالمحاربة وليس له يد يمنى ولا رجل يسرى، فتعلق قطع المحاربة باليد اليسرى والرجل اليمنى.
[مسألة: توبة قطاع الطرق]
وإذا تاب قاطع الطريق.. نظرت: فإن تاب بعد قدرة الإمام عليه.. لم يسقط عنه شيء مما وجب عليه من حدود المحاربة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٤][المائدة: ٣٤] فشرط في الغفران وفي سقوط أحكام المحاربة عنهم أن تكون التوبة قبل القدرة عليهم، فدلَّ على أنها إذا كانت بعد