وإذا وقف وقفًا: فلا يخلو من أربعة أحوال: إما أن يكون معلوم الابتداء والانتهاء، أو يكون مجهول الابتداء والانتهاء، أو يكون معلوم الابتداء مجهول الانتهاء، أو يكون مجهول الابتداء معلوم الانتهاء.
فإن كان معلوم الابتداء والانتهاء.. صح الوقف، وذلك يتصور من وجهين:
أحدهما: أن يقفه على قوم معينين بالصفة لا يجوز بحكم العادة انقطاعهم، مثل: أن يقفه على الفقراء والمساكين، أو على طلبة العلم، أو أبناء السبيل، وما أشبه ذلك، أو على قبيلة لا تنقطع، كبني تميم.
الثاني: أن يقفه على قوم معينين ينقطعون في العادة، ثم بعدهم على من لا ينقطع، مثل أن يقفه على أولاده وأولاد أولاده، فإذا انقرضوا، فعلى الفقراء والمساكين.
قال الشيخ أبو حامد: ولا يجوز أن يكون الابتداء معلومًا بالصفة، والانتهاء معلومًا بالتعيين، مثل أن يقول: وقفت هذا على الفقراء والمساكين. ثم على أولادي، أو على بني تميم؛ لأن هذا لا يفنى؛ لأن الدنيا لا تخلو من فقراء ومساكين.
قال: إلا أن يقدره بمدة، مثل أن يقول: وقفته على الفقراء والمساكين سنة، أو عشر سنين، ثم على أولادي، ثم على بني تميم، فيصح.
فإن كان الوقف مجهول الابتداء والانتهاء، مثل أن يقول: وقفت داري على أولادي، ولا أولاد له، أو على رجال، أو على حمل هذه المرأة.. فلا يصح الوقف؛ لأن الوقف تمليك للرقبة والمنفعة، فلم يصح على من لا يملك، كما لا يصح البيع والإجارة من غير ملك.
فإن كان الوقف معلوم الابتداء مجهول الانتهاء، مثل أن يقول: وقفت هذا على أولادي، ويسكت، وله أولاد، أو على أولادي وأولاد أولادي ما تناسلوا وتعاقبوا،