ومثلها: إذا اشتبه عليه ثوبان: طاهر ونجس ومعه من الماء ما يمكنه أن يغسل به أحدهما.. فهل يجوز له التحري فيهما، أو لا يجوز بل يغسل أحدهما؟ فيه وجهان، وعلة الوجهين ما تقدم في الأولى.
وإن اشتبه عليه ماء طهور، وماء ورد، أو ماء شجر.. لم يتحر فيهما وجهًا واحدًا؛ لأن ماء الورد، وماء الشجر لا أصل لهما في التطهير فيرد إليه بالاجتهاد، ولكن يتوضأ بكل واحد منهما، ليسقط الفرض بيقين، هذا قول أصحابنا البغداديين.
وقال الخراسانيون: فيه وجهان، كالماء المطلق والمستعمل.
وإن اشتبه عليه ماء، وبول انقطعت رائحته.. فالبغداديون من أصحابنا قالوا: لا يجوز له التحري فيهما وجهًا واحدًا؛ لأن البول لا أصل له في التطهير فيرد إليه بالاجتهاد.
والخراسانيون قالوا: هي على وجهين.
أحدهما: هذا.
والثاني: يتحرى فيهما، كما يتحرى في الماء الطاهر، والماء النجس.
[فرع: التحري في الإناءين وقت العطش]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم "[١/٩] : (إذا كان مع الرجل في السفر إناءان: أحدهما طاهر، والآخر نجس، فاشتبها عليه وكان يخاف العطش فيما بعد إن توضأ بالماء.. فإنه يتحرى فيهما، ويتوضأ بالذي يغلب على ظنه منهما، ويمسك الآخر، حتى إن احتاج إليه؛ لعطشه.. شربه) .
قال الشيخ أبو حامد: وهذا صحيح؛ لأن ترك التوضؤ بالماء والعدول إلى التيمم؛ لخوف العطش فيما بعد.. لا يجوز، وإنما يجوز ذلك إذا خاف العطش في الحال، وأما شربه للماء النجس إذا خاف على نفسه.. فيجوز، كما يجوز أكل الميتة.
[فرع: اشتباه الأطعمة]
وإن اشتبه عليه طعام طاهر، وطعام نجس.. جاز له التحري فيهما؛ لأن أصلهما على الإباحة، فإذا طرأت النجاسة على أحدهما، واشتبها عليه.. جاز له التحري