وإن كانت عمرة مثلها، أو أخف منها.. ففيه وجهان، حكاهما الطبري:
أحدهما: يجوز، وبه قال أبو حنيفة، كما قلنا في الإجارة.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه انتفاع غير مأذون فيه، فلم يجز، كما لو كانت أثقل منها.
وإن استعار دابة ليركبها إلى بلد، فركبها إلى تلك البلد، وجاوز بها إلى بلد أخرى، فقبل أن يجاوز بها البلد المأذون له بالركوب إليه هي مضمونة عليه ضمان العارية، ولا أجرة عليه لذلك، فإذا جاوز بها.. صارت من حين المجاورة مضمونة عليه ضمان الغاصب، ويجب عليه أرش ما نقصت بعد ذلك، وأجرة منافعها، فإن ماتت.. وجب عليه قيمتها أكثر ما كانت حين المجازوة؛ لأنه صار متعديا بالمجاوزة، فإن رجع بها إلى البلد المأذون بالركوب إليه.. لم يزل عنه الضمان.
وقال أبو حنيفة:(يزول عنه الضمان) .
دليلنا: أنها صارت مضمونة عليه، فلم يبرأ بالرد إلى غير يد المالك، أو وكيله، كالمغصوب.
[فرع: تأجير وإعارة العارية]
] : وإن استعار عينا مدة، فأجرها المستعير تلك المدة.. لم تصح الإجارة؛ لأن الإجارة معاوضة، فلا تصح إلا فيما يملكه، والمستعير لا يملك المنافع، وإنما هي ملك لمالك العين، وقد أباح له إتلافها، فلا يملك أن يملك ذلك غيره.
وإن أعارها المستعير غيره.. فهل يصح؟ فيه وجهان:
أحدهما: يصح، وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه لما جاز أن يؤاجر ما استأجره.. جاز أن يعير ما استعاره.