وإن لم تكن لأحدهما بينة، فإن ترافعا إلى الحاكم، وسبق أحدهما بالدعوى.. لزم المدعى عليه الإجابة، فإذا أنكره.. فالقول قول المنكر مع يمينه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على المنكر» .
وإن قال المدعى عليه قبل إجابته عن دعوى المدعي: أنا استحق عليك الشفعة.. قيل له: قد سبقك بالدعوى، فأجب أولا عن دعواه، ثم ادع عليه إن شئت، فإن حلف المدعى عليه، ثم ادعى على المدعي: أنه يستحق أخذ نصيبه بالشفعة.. فتجاب دعواه، ثم القول قول المدعى عليه مع يمينه؛ لما ذكرناه. وإن أقر المدعى عليه أولا بالشفعة للمدعي، أو نكل المدعى عليه عن اليمين، وحلف المدعي الأول.. ثبتت له الشفعة في نصيب المدعى عليه، فإن أخذه بالشفعة، ثم أراد المدعى عليه أولا أن يدعي على المدعي: أنه يستحق أخذ نصيبه بالشفعة.. لم تصح دعواه؛ لأنه لم يبق له ملك يستحق به الشفعة.
[مسألة: اختلاف الشفيع والمشتري في الثمن]
] : وإن اختلف الشفيع والمشتري في الثمن، فقال المشتري: اشتريته بألف، وقال الشفيع: بل اشتريته بخمسمائة، فإن كان مع أحدهما بينة.. قضي له بها، ولم يسمع قول الآخر، ويقبل في ذلك شهادة رجلين، وشهادة رجل وامرأتين، وشهادة رجل ويمين المدعي؛ لأنها بينة على المال، ولا تقبل في ذلك شهادة البائع؛ لأنه إن شهد للمشتري.. لم يقبل؛ لأنه يشهد في حق نفسه، ولأنه يريد إثبات الثمن لنفسه، وإن شهد للشفيع.. لم يقبل؛ لأنه يثبت لنفسه منفعة؛ لأنه ينقض بذلك الدرك عن نفسه إن خرج الشقص مستحقا. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي [في (الإبانة) ] : إذا شهد البائع للشفيع، فإن كان قبل قبض الثمن.. قبلت شهادته، وإن كان بعد قبض الثمن.. لم تقبل.