وإن قال: بعتك قفيزًا من هذه الصبرة.. صح البيع؛ لأن الصبرة تتساوى أجزاؤها، فصح بيع بعضها، وإن كان غير معين.
[مسألةٌ: بيع الغائب]
ولا يجوز بيع العين الغائبة إذا جهل جنسها أو نوعها، بأن يقول: بعتك ما في هذا الجراب، أو بعتك ما في كمي، أو ما في بيتي.
وقال أبو حنيفة:(يصح بيع العين الحاضرة المشار إليها وإن كانت غير مشاهدة، ولا يفتقر إلى ذكر الجنس، وإن كانت غائبة.. صح بيعها إذا ذكر الجنس) .
دليلنا: ما روى أبو هريرة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الغرر» .
و (الغرر) : ما خفي على الإنسان أمره، وانطوت عليه عاقبته، ولهذا روى عن رؤبة بن العجاج: أنه اشترى ثوبًا من بزَّاز، فقال له: اطوه على غرِّه، أي: على طيِّه.
وقالت عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في وصف أبيها:(فردٌ نشر الإسلام على غرِّه) ، أي: على طيِّه. وهذا المعنى موجودٌ في بيع ما جهل جنسه أو نوعه.
فأما إذا ذكر الجنس والنوع، بأن قال: بعتك الثوب المروي الذي في كمي، أو عبدي الزِّنجي، فإن كان لا يملك عبدًا زنجيًّا غيره.. كفاه، وإن كان يملك عبدًا زنجيًّا غيره، فقال: عبدي الزنجي الذي في داري.. نظرت:
فإن كان البائع قد نظر المبيع، ولم يره المشتري.. فلا خلاف بين أصحابنا أنها على قولين:
أحدهما: يصح البيع، وبه قال الحسن، والشعبي، والنخعي، والأوزاعي؛ لما روى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من اشترى شيئًا لم يره.. فله الخيار إذا رآه» . وروي: (أن عثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيد الله رضي الله