[فرع لا يفرق عندنا بين الزوجين المشركين باختلاف الدار]
ولا تقع الفرقة - عندنا - بين الزوجين المشركين باختلاف الدار بهما، وإنما تقع باختلاف الدين على ما بيناه.
وقال أبو حنيفة:(إذا اختلفت الدار بهما فعلا وحكما.. انفسخ النكاح بينهما، مثل أن تزوج ذمي ذمية ثم نقض العهد ولحق بدار الحرب، أو أسلم أحد الحربيين ودخل دار الإسلام، أو عقد الأمان لنفسه ودخل دار الإسلام.. انفسخ النكاح بينهما. وإن اختلفت الدار بهما فعلا لا حكما، أو حكما لا فعلا.. لم ينفسخ النكاح بينهما - واختلاف الفعل دون الحكم هو: أن يتزوج ذمي ذمية، ثم خرج أحدهم إلى دار الحرب في تجارة ولم ينقض ذمته، أو دخل الحربي دار الإسلام ولم يعقد لنفسه ذمة ولا أمانا. واختلاف الدار بينهما حكما لا فعلا هو: أن يسلم أحد الزوجين الحربيين ويقيم في دار الحرب - فلا ينفسخ النكاح بينهما) .
دليلنا: ما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قصد مكة عام الفتح.. نزل بمر الظهران، وكان ذلك الموضع قد صار دار إسلام؛ لغلبة رسول الله عليه وسلم عليه، ومكة دار كفر؛ لغلبة الكفار عليها، وبينه وبين مكة مرحلة، فخرج أبو سفيان بن حرب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، إليه فأسلم، وتقدم أبو سفيان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى مكة قبل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخل مكة وصاح بأعلى صوته في مكة: يا معشر قريش، قد جاء محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجيش لا قبل لكم به! فخرجت زوجته هند وقالت: لبئس طليعة القوم أنت، وتعلقت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، فإنه قد صبأ.. فقال لهم: لا تغرنكم هذه. قالوا: فما الحيلة؟ فقال: من دخل داري.. فهو آمن. قالوا: وما تغني دارك؟ فقال: ومن دخل المسجد الحرام.. فهو آمن، ومن ألقى سلاحه.. فهو آمن. ثم دخل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة