للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبُو إسحاق: لا يسقط؛ لأن هذا يؤدي إلى: أن كل من ثبت عليه قطع السرقة ادعى ذلك، فيسقط القطع. والمذهب الأول؛ لأن القطع حد، والحد يسقط بالشبهة، وذلك شبهة؛ لأنه يجوز صدقه. وهكذا: لو وجد مع امرأته رجلا يزني بها، فقال: هذه زوجتي، فكذبته.. فإنه يسقط الحد عنه.

وإن ادعى عليه أن سرق منه نصابا من حرز مثله، فأنكر المدعى عليه، فأقام المدعي على ذلك شاهدا وامرأتين، أو شاهدا وحلف معه.. ثبت للمدعي المال الذي ادعاه؛ لأنه يثبت بذلك المال، وأمَّا القطع: فلا يثبت؛ لأن القطع ليس بمال ولا المقصود منه المال. هذا نقل أصحابنا العراقيين.

وقال الخراسانيون: لا يثبت القطع، وهل يثبت المال؟ فيه قولان:

أحدهما: يثبت؛ لما ذكرناه.

والثاني: لا يثبت؛ لأن المال هاهنا تبع للقطع، فإذا لم يثبت القطع.. لم يثبت المال؛ لأنها شهادة واحدة، فلم تتبعض.

وإن ادعى على رجل أنه سرق نصابا من حرز مثله، فأنكر المدعى عليه، ولا بينة.. فالقول قول المدعى عليه مع يمينه. فإن حلف.. لم يجب عليه غرم ولا قطع. وإن نكل.. حلف المدعي وثبت له الغرم، ولا يثبت القطع؛ لأنه حد لله تَعالَى، فلا يثبت بيمين المدعي.

[فرع: شهدا أنه سرق نصابا من رجل غائب أو أقر بذلك]

أو أنه غصبه منه غصبا] :

وإن شهد شاهدان على رجل أنه سرق نصابا من حرز مثله لرجل، والمسروق منه غائب.. قال الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (لا يقطع السارق حتى يحضر المسروق منه) وقال: (لو شهد أربعة على رجل بأنه زنَى بأمة لرجل وهو غائب.. حد، ولا يعتبر حضور السيد) . واختلف أصحابنا فيهما على ثلاثة طرق:

فـ[الطريق الأول] : قال أبُو العباس: لا يقطع حتى يحضر المسروق منه، ولا يقام الحد حتى يحضر سيد الأمة قولا واحدا؛ لأن الحد يسقط بالشبهة، ويجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>