يكون عند الغائب شبهة يسقط بها الحد؛ بأن يقول في السرقة: كنت وهبته له أو أوقفته عليه، وفي الزِّنَى يجوز أن يقول: كنت وقفتها عليه، ومن نقل إقامة الحد قبل حضور السيد.. فخطأ.
و [الطريق الثاني] : نقل أبُو إسحاق جوابه في كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وجعلهما على قولين:
أحدهما: لا يجوز إقامة الحدين قبل حضور المالكين؛ لما ذكرناه.
والثاني: يجوز، لأن الحد قد وجب في الظاهر، فلا يجوز تأخيره.
و [الطريق الثالث] : حملهما أبُو الطيب ابن سلمة على ظاهرهما، فقال لا يجوز القطع قبل حضور المالك، ويجوز إقامة حد الزِّنَى قبل حضور السيد؛ لأن الحد في السرقة يسقط بإباحة المالك، والحد في الزِّنَى لا يسقط بالإباحة. ولأن قطع السرقة أوسع في الإسقاط؛ ولهذا: لو سرق مال والده.. لم يقطع، ولو زنَى بأمة والده.. حد. وإن أقر رجل أنه سرق نصابا من حرز مثله لرجل غائب، أو زنَى بجارية لرجل وهو غائب.. فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: تبنى هذه على التي قبلها، وهو: إذا ثبتت بالسرقة والزنا بالبينة، فإن قلنا: يقطع السارق ويحد الزاني قبل حضور المالك.. فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: لا يقطع السارق ولا يحد الزاني حتى يحضر المالك.. فهاهنا وجهان.
والفرق بينهما: أن ذلك إذا ثبت بالبينة.. جاز أن تكون البينة كاذبة. وإذا ثبت ذلك بإقراره.. فقد أقر على نفسه.
وذكر الشيخ أبُو حامد: إذا أقر بالسرقة ابتداء من غير دعوى.. لم يقطع حتى يحضر المسروق منه، فيطالبه.
وقال أبُو إسحاق: يقطع ولا ينتظر حضوره؛ لأن القطع قد لزم بإقراره، فلا معنى لانتظاره.
والمذهب: أنه لا يقطع؛ لأن الحد يسقط بالشبهة، ويجوز أن يكون عند الغائب