وإذا ثبت هذا: فإن القبض ـ فيما ينقل ـ النقل، فإن كان المبيع عبدًا.. فقبضه: أن يستدعيه فيجيء، وإن كان بهيمة.. فقبضها: أن يسوقها، فإن أمر العبد بعمل لا ينتقل فيه من موضعه، أو ركب البهيمة ولم تنتقل عن موضعها.. فإن الذي يقتضيه المذهب: أنّه لا يحصل القبض بذلك؛ لأنّه لا يكون بذلك غاصبًا، فكذلك لا يكون بذلك قابضًا في البيع، وإن وطئ الجارية.. فهل يكون قبضًا؟ فيه وجهان:
أحدهما ـ المشهور ـ: أنه ليس بقبض؛ لأنه لم ينقلها.
والثاني ـ حكاه في " الحاوي " ـ: أنه يحصل به القبض؛ لأن ذلك أبلغ من النقل.
وإن كان المبيع ثيابًا، أو خشبًا، أو طعامًا اشتراه جزافًا.. فقبضه: أن ينقله ويحوله من مكان إلى مكان آخر، وإن كان عقارًا أو شجرًا.. فقبضه: التخلية.
وقال مالك، أبو حنيفة:(قبض جميع الأشياء بالتخلية) .
دليلنا: ما «روى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا، فنهانا رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه»
ولأن الشرع ورد بالقبض، وليس له حد في اللغة، ولا قدر في الشرع، فوجب الرجوع فيه إلى عرف الناس وعادتهم، كما قلنا في الحرز والإحياء. والعرف عند الناس ما ذكرناه. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وذكر المسعودي [في " الإبانة "[ق\٢٣٠ـ٢٣١] في هذا ثلاث مسائل: