وإن كان ماله يفي بدينه، ولكن ظهرت فيه أمارات الفلس، وقلنا: يجوز الحجر عليه، فحجر عليه.. فهل يجوز لمن باع منه شيئا، ولم يقبض ثمنه، ووجد عين ماله أن يرجع إلى عين ماله؟ فيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد:
أحدهما: له أن يرجع إلى عين ماله؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما رجل باع متاعا على رجل، ثم أفلس المبتاع، فوجد البائع ماله بعينه.. فهو أحق به من سائر الغرماء» .
وهذا قد أفلس، ولأنه محجر عليه لحق الغرماء، فجاز لمن وجد عين ماله الرجوع إليه، كما لو كان ماله أقل من دينه.
والثاني: ليس له الرجوع إلى عين ماله؛ لأنه إنما جعل للبائع الرجوع إلى عين ماله في المواضع التي لا يتمكنون من الوصول إلى كمال حقوقهم، وهذا يتمكن من أخذ جميع ماله، فلم يكن له الرجوع إلى عين ماله.
[فرع: يفسخ البيع للمفلس من غير إذن الحاكم]
وهل يصح فسخ البائع من غير إذن الحاكم؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو إسحاق: لا يصح إلا بإذن الحاكم؛ لأنه فسخ مختلف فيه، فلم يصح إلا بالحاكم، كفسخ النكاح بالإعسار بالنفقة.
والثاني: يصح بغير إذن الحاكم؛ لأنه فسخ ثبت بنص السنة، فهو كفسخ نكاح المعتقة تحت عبد. فإن حكم حاكم بالمنع من الفسخ.. ففيه وجهان:
أحدهما: يصح حكمه؛ لأنه مختلف فيه.
والثاني: لا يصح؛ لأنه حكم مخالف لنص السنة.
وهل يشترط أن يكون الفسخ على الفور، أو يجوز على التراخي؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز على التراخي؛ لأنه خيار لا يسقط إلى بدل، فجاز على التراخي، كرجوع الأب فيما وهب لابنه، وفيه احتراز من الرد بالعيب؛ لأنه قد سقط إلى بدل، وهو الأرش.