إذا قال: بعني هذا الدينار بهذا الدينار، أو هذه السلعة بهذا الدينار.. صح البيع، وتعين تسليم ذلك الدينار المعين، فلو أراد إبداله بغيره.. لم يكن له ذلك، وإن تلف ذلك الدينار المعين قبل القبض.. بطل البيع.
وقال أبو حنيفة:(لا تتعين الدنانير والدراهم بالعقد، وإنما يتعينان بالقبض، فإذا اشترى منه بدنانير أو دراهم بأعيانها.. فللمشتري أن يدفع إليه غيرها من مثلها، وإن تلفت قبل القبض.. لم يبطل البيع، بل على المشتري تسليم مثلها) .
دليلنا: ما روى عبادةُ بن الصامت: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، ولا البر بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين» . فذكر التعيين، فلولا أنهما يتعينان بالعقد.. لم يكن لذكره فائدة؛ ولأنه ذكر الذهب والورق والبر والشعير والتمر والملح، ثم شرط التعيين فيها على حد واحد، فلما كان البر والشعير والتمر والملح يتعين بالعقد، فكذلك الذهب والورق، ولأنه عوض مشار إليه، فتعين بالعقد كسائر الأعواض.
إذا ثبت هذا: فإن تصارفا دنانير بدنانير، أو دراهم بدراهم، أو دنانير بدراهم، بأعيانها، ثم وجد أحدهما بما صار إليه عيبا، إما قبل التفرق أو بعده:
فإن كان العيب من غير جنسها، مثل: أن يخرج رصاصًا أو نحاسًا.. ففيه وجهان، كمن اشترى بغلا، فخرج حمارًا:
[الأول]ـ الصحيح ـ: أنه باطل.
والثاني: أنه صحيحٌ، ويثبت له الخيار.
وإن كان العيب من جنسه، مثل: أن خرجت السكة مضطربة، أو خشنة الأصل، فإن وجد العيب في الجميع.. فهو بالخيار: بين أن يرد المعيب، ويسترجع ما دفع، وبين أن يرضى بالمعيب، وليس له مطالبته ببدله سليمًا؛ لأن العقد وقع على عينه،