والثاني: ترد عليه، وهو الأصح؛ لأن سبب هذه الأيمان غير سبب تلك الأيمان؛ لأن سبب تلك الأيمان قوة جنبة الولي باللوث، وسبب هذه قوة جنبته بنكول المدعى عليه.
[مسألة ادعاء القتل في مكان لا لوث فيه]
وإن ادعى القتل في موضع لا لوث فيه ولا بينة مع المدعي.. فالقول قول المدعى عليه مع يمينه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو أن الناس أعطوا بدعواهم.. لادعى ناس دماء ناس وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» .
ولأن الأيمان إنما تثبت في جنبة المدعي أولا مع اللوث؛ لقوة جنبته باللوث، فإذا لم يكن هناك لوث.. كانت جنبة المدعى عليه أقوى؛ لأن الأصل براءة ذمته، فكانت الأيمان في جنبته ابتداء، وهل تغلظ عليه الأيمان بالعدد؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تغلظ عليه، بل يحلف يمينا واحدة -وهو اختيار المزني - لأنها يمين توجهت في جنبة المدعى عليه ابتداء فكانت يمينا واحدة، كاليمين في سائر الدعاوى.
ولأن التغليظ بالعدد بالأيمان إنما وجب في حق المدعي لأجل اللوث، فإذا لم يكن هناك لوث.. سقط التغليظ.
والثاني: يغلظ عليه بالعدد، وهو الأصح؛ لأن الأيمان إنما تغلظ بالعدد في القتل لحرمة النفس، وهذا موجود في الأيمان إذا توجهت في جنبة المدعى عليه ابتداء. وقول الأول: إنها إنما غلظت على المدعي لأجل اللوث غير صحيح؛ لأن اللوث معنى تقوى به جنبة المدعي، وما قويت به جنبته.. يجب أن يقع به التخفيف عليه لا التغليظ.
فإن قلنا: لا تغلظ الأيمان بالعدد على المدعى عليه: فإن كان واحدا.. حلف يمينا واحدة. وإن كانوا جماعة.. حلف كل واحد منهم يمينا. وإن نكل المدعى عليه عن اليمين.. ردت على الولي؛ فإن كان واحدا.. حلف يمينا واحدة، وإن كانوا جماعة.. حلف كل واحد منهم يمينا.