وذرعها ستمائة ذراع، وقيمة مائتي ذراع من أولها أربعمائة درهم، وقيمة الأربعمائة الذراع الباقية منها أربعمائة درهم، كل مائة ذراع تساوي مائة درهم، فطلب أحدهما أن يجعل مائتا ذراع من أولها جزءا، وتكون الأربعمائة الذراع الباقية جزءا، ودعا الآخر إلى أن يجعل ثلاثمائة ذراع من أولها جزءا وقيمته خمسمائة درهم، والثلاثمائة الذراع الباقية من آخرها جزءا وقيمته ثلاثمائة درهم، فمن خرج له الثلاثمائة الذراع من أولها رد على الآخر مائة درهم، فإن قلنا: إن من امتنع من قسمة التعديل بالقيمة يجبر عليها.. وجب إجابة من قال: تجعل مائتا ذراع من أولها جزءا، والباقي منها جزءا. وإن قلنا: لا يجبر من امتنع من قسمة التعديل بالقيمة.. لم يجبر هاهنا أحدهما، بل يتركان إلى أن يتراضيا على القسمة.
وإن كانت الأرض أقرحة.. قال ابن الصباغ: فإن أبا إسحاق ذكر في " الشرح ": إذا كانت متجاورة.. جرت مجرى القراح الواحد، وجاز أن يقسم قراح في نصيب شريك وقراح في نصيب شريك آخر قسمة الإجبار.
وقال غيره من أصحابنا: إنما تجري الأقرحة مجرى القراح الواحد في ذلك إذا كان شربها واحدا وطريقها واحدا، فأما إذا كان لكل واحد شرب منفرد وطريق منفرد.. لم يقسم بعضها في بعض قسمة الإجبار.
قال ابن الصباغ: وهذا أشبه بكلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - تعالى.
[فرع قسمة الأرض المزروعة]
وإن كانت بينهما أرض مزروعة، فطلب أحدهما قسمة الأرض دون الزرع، وامتنع الآخر.. أجبر الممتنع، سواء كان الزرع بذرا لم يخرج أو قد خرج؛ لأن الزرع في الأرض كالقماش في الدار، والقماش في الدار لا يمنع من قسمتها، فكذلك الزرع في الأرض.