وإذا أداه اجتهاده إلى طهارة أحد الإناءين.. فالمستحب له: أن يريق الآخر؛ حتى لا يتغير اجتهاده فيما بعد.
فإن لم يرقه وبقيت من الأول بقية، ثم حضرت صلاة أخرى وهو محدث.. قال ابن الصباغ، والمحاملي: فعليه أن يعيد الاجتهاد ثانيًا، كما لو صلى إلى جهة بالاجتهاد، ثم حضرت صلاة أخرى، ولعلهما أرادا على أحد الوجهين.
فإن أداه اجتهاده إلى طهارة الأول.. فلا كلام، فيستحب له أن يريق الماء النجس لكي لا يشتبه عليه ثانيًا.
وإن تيقن أن الذي توضأ به هو الطاهر.. لم يستحب له أن يريق النجس؛ لأنه ربما احتاج إليه لعطشه.
وإن تيقن أن الذي استعمله هو النجس.. غسل ما أصابه من الماء الأول في ثيابه وبدنه، وأعاد ما صلى بالطهارة الأولى؛ لأنه تعين له يقين الخطأ، فهو كالحاكم إذا أخطأ النص.
وإن أداه اجتهاده إلى طهارة الثاني، ونجاسة الذي توضأ به.. فقد روى المزني عن الشافعي:(أنه لا يتوضأ بالثاني، ولكن يتيمم، ويصلي، ويعيد كل صلاة صلاها بالتيمم) واختلف أصحابنا فيها:
فقال أبو العباس: هذا الذي نقله المزني لا يعرف للشافعي، والذي يجيء على قياس قول الشافعي: أنه يتوضأ بالثاني، كما لو صلى إلى جهة بالاجتهاد ثم حضرت صلاة أخرى، وأداه اجتهاده إلى أن القبلة في غير تلك الجهة.. فإنه يصلي الصلاة الثانية إليها، ثم كذلك الثالثة والرابعة.
وقال سائر أصحابنا: بل المذهب ما رواه المزني، وقد رواه حرملة أيضًا عن الشافعي؛ لأنا إذا أمرناه أن يتوضأ بالثاني.. لم يخل: إما أن نأمره أن يغسل ما أصابه