للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان حقه دراهم، فأعطاه دراهم، وبان أنها رصاص أو نحاس، فإن علم بذلك الحالف قبل المفارقة وفارقه.. حنث؛ لأنه فارقه باختياره وقبل استيفاء حقه، وإن ظنها دراهم جيدة، ففارقه، ثم بان أنها رصاص أو نحاس.. فهو في حكم المكره على المفارقة، وهل يحنث؟ على قولين.

وإن أحاله من عليه الحق على آخر، ففارق الغريم.. حنث الحالف؛ لأنه لم يستوف حقه؛ لأن اسم الاستيفاء حقيقة لا يقع على الحوالة.

[فرع: حلف بالله لا يفارقه حتى يستوفي فدفع عوضا لمن له حق عليه]

وإن قال: والله لا فارقتك حتى أستوفي حقي، فدفع إليه من عليه الحق عما عليه من الحق عوضا؛ بأن كان له عليه دراهم أو دنانير، فأعطاه بها عوضا، وفارقه من له الحق.. حنث، سواء كان العوض يساوي حقه أو لا يساوي؛ لأن الذي أخذه ليس هو حقه، وإنما هو عوض عن حقه.

إذا ثبت هذا: فإن المزني نقل: (لو أخذ بحقه عوضا، فإن كان قيمته حقه.. لم يحنث، وإن كان أقل حنث) . قال المزني: ليس للقيمة معنى.

قال أصحابنا: وهذا الذي نقله المزني ليس هو مذهب الشافعي، وإنما هو مذهب مالك؛ لأن الشافعي بدأ في (كتاب الأيمان) بمذهب مالك، ثم ذكر مذهب نفسه بعد ذلك، كما تقدم.

وقال أبو حنيفة: (إذا أخذ عن حقه عوضا.. بر في يمينه، سواء كان قيمته حقه أو أقل من حقه) .

دليلنا عليهما: ما مضى.

وأما إذا قال: والله لا فارقتك حتى أستوفي، ولم يقل: حقي، ثم أخذ منه العوض وفارقه.. فقد قال المحاملي: فإن كان قيمة ما أخذه منه مثل حقه أو أكثر.. لم يحنث؛ لأنه استوفى حقه، وإن كان أنقص منه.. حنث؛ لأنه لم يستوف مثل حقه، بل ترك بعضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>