وإن كان يملكه.. لم يصح بيعه، سواء كان يألف الرجوع أو لا يألفه؛ لأنه لا يقدر على تسليمه في الحال.
وإن باعه طيرًا في برج، فإن كان الباب مفتوحًا.. لم يصح بيعه؛ لأن الطير إذا قدر على الطيران لم يقدر على تسليمه في الحال، وإن كان مغلقًا، فإن كان لا يحتاج في أخذه إلى كلفة ومشقة.. جاز بيعه، وإن كان يحتاج إلى ذلك.. لم يجز.
وإن باعه سمكةً في بركة عظيمة، يدخل فيها السمك ويخرج، فإن كان لا يملك البركة.. لم يصح بيعه؛ لأنه لا يملك السمكة، ولأنه لا يقدر على تسليمها، وإن كان في بركة صغيرة، يقدر على أخذها من غير كلفة، وكان الماء صافيًا يشاهد السمكة فيه، وكان قد ملكها.. صح بيعه، وإن كان لا يقدر على أخذها إلا بالاصطياد.. فنص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أنه لا يصح بيعها) .
قال الشيخ أبو حامد: وخرج أبو العباس وجهًا آخر: أنه يصح. ولا وجه له.
[فرعٌ: استئجار برك السمك]
] : قال في " الإملاء ": (ولا يجوز تقييل برك الحيتان ـ يريد: استئجارها ـ لأخذ السمك منها) ؛ لأن العين لا تملك بالإجارة.
فإن استأجر بركة ليحبس بها السمك ويأخذها.. قال الشيخ أبو حامد: لا يجوز، لأن الصيد ينحبس فيها بغيرها.
وقال ابن الصبّاغ: يجوز؛ لأن البركة يمكن الاصطياد بها، فجاز استئجارها لذلك، كالشبكة. قال: وأمّا قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (لا يجوز تقييل برك الحيتان) أراد: إذا حصل فيها حيتان، فاستأجرها لأخذ ما قد حصل فيها.. فلا يصح؛ لأن الأعيان لا تملك بالإجارة. وأما إذا لم يكن فيها سمكٌ: فإن العقد على منفعة مقصودة، فجاز العقد عليها.