أحدهما: أن حكمه حكم ما لو كاله المكتري، وحمله على البهيمة؛ لأن التدليس حصل بالكيل؛ لأن المكري لم يعلم به.
والثاني: أن حكمه حكم ما لو كاله المكري، وحمله على البهيمة؛ لأنه مفرط في ذلك، وكان الاحتياط أن لا يحمل إلا بعد المعرفة بقدره.
وهذان الوجهان مأخوذان من القولين فيمن سم طعامه، وقدمه إلى غيره، فأكله.
قال أبو إسحاق: وهذا إذا كانت الزيادة بحيث يمكن الاحتراز منها، ولا يقع التفاوت فيها بين الكيلين، وأما إذا كانت يسيرة لا يمكن الاحتراز منها، ويقع مثلها في الكيلين، مثل: أن يزيد مكوكًا أو مكوكين.. فلا يكون لها حكم في أجرة ولا ضمان ولا رد؛ لأن ما يقع في المكيال في العادة من الغلط يعفى عنه، كما يعفى عن الغبن الذي يتغابن الناس بمثله في بيع الوكيل.
وإن كانت الزيادة بفعل أجنبي، بأن استأمنه المكتري والمكري على أن يكيل عشرة أقفزة، ويحمله على البهيمة، فكال عليها أحد عشر قفيزًا، وحمله عليها.. فإنه يجب عليه أجرة المثل للزيادة للمكري، ويجب عليه ضمان البهيمة إن تلفت، ويجب عليه رد الزيادة للمكتري إلى البلد الذي حمل منه؛ لأنه تعدى بمال كل واحد منهما، فتعلق لكل واحد منهما حكم التعدي في ماله.
[فرع: اختلاف المكري والمكتري في وزن الحمل]
وإن اختلف المكري والمكتري في الزيادة، بأن قال المكتري: أنا حملت عليها أحد عشر قفيزًا، وقال المكري: بل حملت أنت عليها عشرة أقفزة، وحملت عليها لنفسي قفيزًا.. قال الشيخ أبو حامد: فالقول قول المكري مع يمينه؛ لأن يده عليها. قيل له: وإن كان المكتري مع الطعام؟ قال: نعم؛ لأن ذلك على بهيمة المكري ويده عليها وعلى المتاع الذي عليها.