والوجه الثاني: لا يجزئه، وهو الصحيح؛ لأن نيته عزبت قبل الفرض، فلم يجزئه، كما لو عزبت عند غسل الكف.
وما قاله الأول ينتقض بغسل الكف، فإنه فعل راتب في الوضوء لم يتقدمه فرض، وإن عزبت النية عنده.. لم يجزئه.
وهذه طريقة أكثر البغداديين من أصحابنا: أن نيته إن انقطعت عند غسل الكف.. لم يجزئه.
وأما المسعودي [في " الإبانة ": ق \ ١٦] ، وصاحب " الفروع " فقالا: إذا عزبت نيته عند غسل الكف.. هل يجزئه؟ على وجهين أيضًا، كالمضمضة والاستنشاق.
قال المسعودي [في " الإبانة " ق \ ١٦] : وكذلك إذا عزبت نيته عند الاستنجاء، أو عند السواك - إذا قلنا: إنهما من سنن الوضوء - فهل يجزئه ذلك؟ على وجهين، كما لو عزبت عند المضمضة والاستنشاق.
[فرع: صفة النية]
وأما صفة النية: فإن نوى رفع الحدث، أو الطهارة عن الحدث، أو الطهارة لأجل الحدث.. أجزأه؛ لأنه قد نوى المقصود.
وإن نوى الطهارة وأطلق.. فقد ذكر ابن الصباغ: أن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال في " مختصر البويطي ": (أجزأه) .
قال أصحابنا: أراد: إذا نوى الطهارة عن الحدث، فأما مع الإطلاق: فلا تجزئه الطهارة؛ لأن الطهارة قد تقع عن حدث، أو عن نجس، فلا بد من النية لتميز بينهما.
وإن نوى المحدث رفع الجنابة.. فهل يجزئه؟ فيه وجهان، حكاهما في " الفروع ":
أصحهما: أنه لا يجزئه؛ لأنه نوى غير ما عليه.
وإن نوى الجنب رفع الحدث عن جميع بدنه.. أجزأه، وإن نوى الحدث الأصغر.. أجزأه عن أعضاء الطهارة.