فإن علم الحال.. لم يرجع بما ضمنه على الأول؛ لأنه رضي بوجوب الضمان على نفسه.
وإن لم يعلم.. فهل له أن يرجع على الأول؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع؛ لأنها هلكت عنده، فاستقر الضمان عليه.
والثاني: يرجع عليه؛ لأنه غره، ولم يدخل معه ليضمن، وإنما دخل معه على أنها أمانة.
وإن رجع المالك على المودع الأول، فإن كان الثاني قد علم أنها وديعة أودعت عنده من غير ضرورة. رجع الأول عليه؛ لأن الثاني رضي بوجوب الضمان عليه، وقد وجد الهلاك في يده، فاستقر الضمان عليه، وإن لم يعلم بالحال.. فهل للأول أن يرجع عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يرجع عليه؛ لأن الهلاك كان في يده.
والثاني: لا يرجع عليه؛ لأنه لم يدخل معه على أن يكون ضامنا.
[مسألة: خلط مال الوديعة بماله]
] : إذا أودعه دراهم، فخلطها مع دنانير.. قال الشافعي:(لا يضمن؛ لأنهما لا يختلطان، إلا أن ينصح الدراهم، فيلزمه أرش النقص، كما لو أخذ جزءا من الدراهم، فيلزمه ضمان ما أخذ دون الباقي) .
وإن خلطها بدراهم له، أو أودعه شيئا من ذوات الأمثال، فخلطه بمثله من ماله.. لزمه الضمان، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك:(لا يلزمه الضمان؛ لأنه خلطه بمثله) . وهذا غلط؛ لأنه خلطه بما لا يتميز عنه من ماله بغير إذن المالك، فلزمه الضمان، كما لو خلطها بأردأ منها.