] : يصح الضمان من غير رضا المضمون عنه؛ لأن عليا وأبا قتادة ضمنا عن الميتين بحضرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والميت لا يمكن رضاه، ولأنه لما جاز له أن يقضي الدين بغير إذنه.. جاز أن يضمن عنه الدين بغير إذنه.
وأما المضمون له: فهل يعتبر رضاه، فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو علي الطبري: يعتبر رضاه. وبه قال أبو حنيفة، ومحمد، إلا في مسألة واحدة، وهو إذا قال المريض لبعض ورثته: اضمن عني دينا لفلان الغائب، فضمن عنه بغير إذن المضمون له، وإن لم يسم الدين استحسانا؛ لأنه إثبات مال لآدمي، فلم يصح إلا برضاه، أو من ينوب عنه، كالبيع له، والشراء.
فقولنا:(لآدمي) احتراز من النذر.
و [الثاني] : قال أبو العباس: يصح من غير رضاه. ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره، وبه قال أبو يوسف؛ لأن عليا وأبا قتادة ضمنا الدين بحضرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يعتبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رضا المضمون له، ولأن الضمان وثيقة بالحق، فلم يفتقر إلى رضا من له الوثيقة، كما لو أشهد من عليه الدين بنفسه.. صحت الشهادة، وإن لم يرض المشهود له.
وأما معرفة الضامن لعين المضمون له والمضمون عنه، فهل يفتقر إلى ذلك؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا يفتقر إلى معرفة عين واحد منهما، وإنما يضمن بالاسم والنسب، ووجهه: أن عليا وأبا قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ضمنا، ولم يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هل يعرفان عين المضمون له والمضمون عنه، أم لا؟ ولو كان الحكم يختلف بذلك.. لبيَّنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأن الواجب أداء الحق، فلا حاجة إلى معرفة ما سوى ذلك.
والثاني: أنه لا يصح حتى يعرف الضامن عينهما؛ لأن معاملته مع المضمون له،