وإن كان الرهن مشروطًا في بيعٍ.. فهل يبطل البيع لبطلان الرهن؟ فيه قولان، يأتي ذكرهما في (الرهن) .
فإن قلنا: يبطل البيع.. فلا كلام.
وإن قلنا: لا يبطل.. ثبت للمرتهن الخيار في فسخ البيع؛ لأنه دخل على أن يحصل له رهنٌ، ولم يحصل.
[فرع: رهن غنمًا قبل حلول الزكاة]
] : فإن رهنه ماشية أو غيرها من أموال الزكاة قبل وجوب البيع فيها، ثم حال عليها الحول.. وجبت فيه الزكاة؛ لأنه ملك الراهن عليها تامٌ، وإنما هو ناقص التصرف فيها لحق المرتهن، وذلك لا يمنع وجوب الزكاة، كمال الصبي والمجنون.
إذا ثبت هذا: فإن كان للراهن مالٌ غير الرهن.. كلف إخراج الزكاة منه؛ لأن ذلك من مؤن الرهن، ومؤن الرهن على الراهن.
وإن لم يكن له مالٌ غير الرهن.. فهل يبدأ بإخراج الزكاة، أو بحق المرتهن؟
إن قلنا: إن الزكاة استحقاق جزءٍ من العين.. قدمت الزكاة، ويتعلق حق المرتهن بالباقي؛ لأنها متعلقة بالعين وحدها، ومختصة بها، وحق المرتهن متعلقٌ بالرهن وذمة الراهن، فقدم حق المختص بالعين، كالعبد إذا جنى.
وإن قلنا: إن الزكاة تتعلق بالذمة، والعين مرتهنة بها.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ.
أحدهما - وهو قول أبي علي الطبري في " الإفصاح " -: إنه يستوي حق الله تعالى وحق المرتهن؛ لأن حق كل واحدٍ منهما يتعلق بالذمة، والعين مرتهنة بها، وفيمن يقدم؟ ثلاثة أقوالٍ تقدم ذكرها.
والوجه الثاني - وهو قول أصحابنا، ولم يذكر في " التعليق " و " المجموع " غيره -: أن حق المرتهن مقدمٌ على الزكاة؛ لأنه أسبق، ولأن حق المرتهن تعلق بعقد صاحب المال ورضاه، فكان آكد مما تعلق بغير فعله.