وكان البلد وقت عقد الكتابة آمنا.. لم يلزمه قبوله؛ لأنه ربما يتلف إلى وقت حلول النجم.
وإن كان البلد عند وقت عقد الكتابة خائفا.. ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمه قبوله؛ لأن حالة العقد وحالة القبض سواء فأشبه إذا كانا آمنين.
والثاني: لا يلزمه قبوله، وهو الأصح؛ لأن الاعتبار بحال حلول النجم وربما زال الخوف ذلك الوقت.
وكل موضع قلنا: يلزمه قبوله، فإن قبله.. فلا كلام، وإن لم يقبله.. وإلا دفعه المكاتب إلى الحاكم وبرئ؛ لما روى سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه:(أن امرأة اشترته وكاتبته على أربعين ألفا، فأدى عامة المال، ثم أتاها ببقيته، فقالتِ: لا والله حتى يأتي به سنة بعد سنة وشهرا بعد شهر، فأتى بالمال إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأخبره بذلك، فقال: ضعه في بيت المال، ثم أرسل إليها عمر: أنه أخذ المال وجعله في بيت المال، وقال لها: قد عتق أبو سعيد، فإن اخترت أخذه شهرا بعد شهر أو سنة بعد سنة.. فافعلي. فأرسلت، فأخذت المال) .
ولأن الأجل حق لمن عليه الدين، فإذا عجل الدين.. فقد رضي بإسقاط حقه من الأجل، فأجبر من له الدين على أخذه.
[فرع كاتبه على مال في بلد]
) : قال في " الأم ": (وإن كاتب رجل عبدا له على مال ببلد، ثم لقيه ببلد آخر، فأعطاه العبد إياه: فإن كان مما لحمله مؤونة، كالحبوب والحديد والرصاص والثياب.. لم يجبر على قبوله؛ لأن عليه ضررا بمؤونة حمله. وإن كان مما ليس بحمله مؤونة كالدراهم والدنانير، فإن كان الطريق مخوفا.. لم يلزمه قبوله؛ لأنه يخاف عليه التلف. وإن كان الطريق آمنا.. لزمه قبوله؛ لأنه لا غرض له في تأخيره) .