ويشترط أن يكونا عدلين؛ لأن الخير لا يقبل إلا من عدل، ويكونا ذوي تيقظ وفهم؛ لئلا يسألا عدوا للشاهد ولا صديقا عن حاله؛ لأن العدو ربما جرحه وهو غير مجروح، والصديق ربما عدله وهو غير عدل. ثم يأمرهما الحاكم يسألان عن الشاهد في جيران منزله؛ لأنه إن كان فيه فسق.. عرفه جيرانه فأخبروا عنه. ويسألان عنه في موضع صلاته؛ لأنهم يعلمون توفره على الصلوات ولزوم الجماعة وتهاونه بها. ويسألان عنه في سوقه؛ ليعرف كيف معاملته.
والحاكم بالخيار: بين أن يقول للذين بعثهم: اسألا فلانا وفلانا عنه، وبين أن يقول: اسألا عنه من شئتما من جيران منزله وجماعته وأهل سوقه.
ويكون المسؤولون عنه غير معروفين عند الشاهد والمشهود له والمشهود عليه؛ لأنهم إذا كانوا معروفين عند الشاهد والمشهود له.. ربما أعطاهم شيئا ليعدلوا الشاهد وهو غير عدل، وإذا عرفهم المشهود عليه.. ربما أرشاهم ليجرحوا له الشاهد وهو عدل.
ويكون المسؤولون عنه عدولا، وافري العقول، برآء من الشحناء فيما بينهم وبين الناس، بعداء من التعصب في نسب أو مذهب؛ لئلا يجرحوا عدلا ولا يعدلوا مجروحا.
والمستحب: أن لا يعرف بعضهم بعضا؛ لئلا يجمعهم الهوى على تعديل مجروح أو جرح عدل.
[مسألة ثبوت الجرح والتعديل بعدلين]
] : قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (ولا يثبت الجرح والتعديل إلا من اثنين) ، واختلف أصحابنا في تأويل هذا:
فقال أبو إسحاق: أراد: أن التعديل لا يحكم به إلا بشهادة اثنين من الجيران، ولا يحكم به بقول أصحاب المسائل؛ لأنه شهادة على شهادة، فلم يصح مع حضور شاهد الأصل.